التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ٩٣
فيفهم الفريضة والسنة والجيد والردئ، ألا ومثل العقل في القلب كمثل السراج في البيت) (1). صدق رسول الله صلى الله عليه وآله.
بيان:
أقول: عبر صلى الله عليه وآله عن الحقيقة العقلية التي لكل شئ في عالم العقل وعقل الكل بالاسم، وهو الاسم الإلهي الذي يدبر كل موجود يكون تحت حيطته، وعن تطورها بكسوة الحقائق التي تحتها حين تنزلها بالستر، وعن ظهور المادة العقلية التي هي النفس النطقية من حيث بدو ظهورها عقلا هيولانيا بالكشف حين التولد، وعن البلوغ إلى العقل بالملكة بالبلوغ الذي للرجال وهو الخروج عن المنى - بالضم - كما أن بلوغ الصبيان بخروج المنى - بالفتح - وعن إدراك الحقائق واستفادتها من الجوهر العقلي المفيض وهو مرتبة العقل المستفاد بوقوع النور في القلب، وعن مرتبة العقل بالفعل وصيرورة النفس عقلا محضا بقوله: فيفهم الفريضة والسنة وغيرهما.
ويمكن أن يكون كشف الستر أوان البلوغ إشارة إلى ما ذهب بعض من أن النفس الناطقة إنما تفيض للمستعد لها حينما بلغ مبلغ الرجال لا لكل أحد (2).
وبالجملة: في هذا الخبر من حسن التعبير من وحدة العقل مع تكثر أطواره، واشتماله على جميع الحقائق الوجودية اشتمالا جمليا عقليا خارجا عن فهم الجماهير ومن التعبير بالوجه والرأس وكتابة الاسم ووجود الستر ما يبهر العقول ويعجز الفحول.

1 - علل الشرايع: 98 / 1 باب 86.
2 - الأسفار 8: 136 و 137.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 97 98 99 ... » »»
الفهرست