بعضهم من التصريح بتقديم القيام بل عن اخر انه المشهور بل المتفق عليه بل عن الرياض انه نسب إلى جماعة دعوى الاجماع عليه ولقد أجاد في الجواهر حيث قال بعد ان قوى احتمال تقديم الجلوس ومن العجب دعوى الاجماعات في المقام مع قلة المتعرض وخفاء المدرك انتهى وقال شيخنا المرتضى رحمه الله وقد توهم بعض من عبارة المنتهى دعوى اتفاق علمائنا على وجوب القيام في هذه المسألة حيث قال لو أمكنه القيام وعجز عن الركوع قائما وبالسجود لم يسقط عنه فرض القيام بل يصلي قائما ويومي للركوع ثم يجلس ويومي للسجود وعليه علمائنا وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يسقط عنه القيام إلى أن قال احتج أبو حنيفة بأنها صلاة لا ركوع ولا سجود فيسقط القيام كالنافلة على الراحلة انتهى ولا يخفى ان فرض مسألة المنتهى فمن عجز عن الركوع والسجود على كل حال كما لا يخفى انتهى كلام شيخنا المرتضى رحمه الله بل الأظهر تقديم كل من الركوع والسجود على القيام فضلا عن كليهما لعين ما مر والا اي وان لم يتمكن من القيام ولو في بعض الصلاة أصلا حتى ببعض مراتبه الميسورة التي تقدمت الإشارة إلى انها لا تسقط بمعسورها كفاقد الانتصاب أو الاستقلال أو الاستقرار المقابل للاضطراب لا المشي فإنه فيه اشكالا كما ستعرفه صلى قاعدا لا مضطجعا أو مستلقيا كما يدل عليه اخباره كثيرة منها حسنة أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم قال الصحيح يصلي قائما وقعودا المريض يصلي جالسا وعلى جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا وخبر محمد بن إبراهيم عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال يصلي المريض قائما فإن لم يستطع صلى جالسا وعن الصدوق مرسلا نحوه إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه وقد ظهر مما تقدم ان العجز المسوغ للقعود حده العجز عن القيام أصلا ولو في بعض صلاته كما هو المشهور على ما ادعاه في الحدائق وغيره وليس لتشخيصه طريق تعبدي بل معرفته موكولة إلى نفس المكلف فإنه اعلم بنفسه كما يشهد له خبر عمر بن اذنية المروي عن الكافي قال كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسئله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة قائما قال بل الانسان على نفسه بصيرة وقال ذاك إليه هو اعلم بنفسه ورواه الشيخ باسناده عن ابن أبي أذينة (عمن اخبره) عن أبي جعفر عليه السلام مثله و صحيحة جميل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام ما حد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا فقال إن الرجل ليوعك ويحرج ولكنه اعلم بنفسه إذا قوى فليقم وموثقة زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام قال بل الانسان على نفسه بصيرة هو اعلم بما يطيقه والمراد بتمكنه من القيام في كلمات الأصحاب وكذا النصوص الدالة عليه بحسب الظاهر هي الاستطاعة العرفية بان كان متمكنا من الاتيان به في العادة من غير أن يتحمل مشقة شديدة بحسب حاله أو يترتب عليه ضرر من زيادة مرض أو طوله أو يكون مضطرا إلى تركه ضرورة عرفية ناشئة من الحاجة إلى استعمال بعض المعالجات المنافية للقيام لدفع بعض ما عليه من الأمراض كما يشهد له مضافا إلى العمومات النافية للحرج خصوص صحيح محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل والمرأة يذهب بصره فتأتيه الأطباء فيقولون نداويك شهرا أو أربعين ليلة مستلقيا كذلك يصلي فرخص في ذلك وقال فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه ومضمرة سماعة قال سئلته عن الرجل يكون في عينيه الماء فينزع الماء منه فيستلقي على ظهره الأيام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة الأيام وهو على حاله فقال لا بأس بذلك وليس شئ مما حرم الله الا وقد أحله لمن اضطر إليه وخبر بزيع المؤذن المروي عن طب الأئمة عليهم السلام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني أريد ان اقدح عيني فقال لي استخر الله وافعل قلت هم يزعمون أنه ينبغي للرجل ان ينام على ظهره كذا وكذا لا يصلي قاعدا قال افعل وخبر الوليد بن صبيح قال حممت بالمدينة يوما في شهر رمضان فبعث إلى أبو عبد الله عليه السلام بقصعة فيها خل وزيت وقال افطر وصل وأنت قاعد فتلخص لك مما ذكر ان المعيار في سقوط القيام عدم تمكنه منه أصلا ولو في بعض صلاته ولكن المراد بعدم تمكنه منه عدم كونه ميسورا له ولو لضرورة مقتضية لتركه كما في مقام التداوي ومعالجة الأمراض لا تعذره عقلا كما ربما يؤيد ذلك مضافا إلى ما عرفت اطلاق جملة من الاخبار التي ورد فيها الامر بالصلاة جالسا لمن لم يتمكن من أن يصلي قائما مثل المرسل المروي عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال يصلي المريض قائما فإن لم يقدر على ذلك صلى قاعدا حيث إن المنساق من مثل هذا المرسل ونظائره الرخصة في الصلاة جالسا لمن لا يقدر على أن يأتي بصلاته عن قيام سواء لم يقدر على القيام أصلا أو قدر عليه في بعض صلاته لا في مجموعه فاطلاق مثل هذا الخبر قد يكون منافيا لما حققناه فيما سبق تبعا للمشهور من وجوب الاتيان بما يمكن من القيام ولو في بعض صلاته الا ان الاطلاق جار مجرى الغالب من صعوبة أصل القيام وكونه تكليفا (حرجا فيمن) بلغ حاله إلى هذه المرتبة من الضعف فلا ينهض مثل هذه المطلقات مخصصة للأدلة المتقدمة الدالة على عدم سقوط ميسوره بمعسوره خصوصا بعد الالتفات إلى سعة دائرة الحرج وكيفية أدنى مشقة في رفع التكاليف عن المريض والعاجز الذي يناسبه الارفاق والتوسعة في تكاليفه كما لا يخفى على من لاحظ احكامه وقد ظهر بما ذكر توجيه التحديد الوارد في المرسل المروي عن كتاب دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابائه عن علي عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن صلاة العليل فقال يصلي قائما فإن لم يستطع صلى جالسا قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله فمتى يصلي جالسا قال إذا لم يستطع ان يقرء بفاتحة الكتاب وثلاث آيات قائما فإن لم يستطع ان يسجد يؤمي ايماء برأسه يجعل سجوده اخفض من ركوعه وان لم يستطع ان يصلي جالسا صلى مضطجعا لجنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة فإن لم يستطع ان يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيا ورجلاه مما يلي القبلة ويومي ايماء حيث إن هذه الرواية أيضا كسائر المطلقات جارية مجرى الغالب فلا يظهر منها ما ينافي المشهور فليتأمل وقيل كما عن المفيد ومحتمل النهاية حد ذلك اي العجز المسوغ للصلاة جالسا ان لا يتمكن من المشي بقدر زمان صلاته قائما فحينئذ يسوغ له القعود وان كان متمكنا من الوقوف في جميع الصلاة أو بعضه على ما فسره في الجواهر ولكن من المستبعد التزام هذا القائل بهذا النحو من الاطلاق بل ينبغي الجزم بعد ارادته الرخصة في الصلاة جالسا مع التمكن من أن يأتي
(٢٦٠)