الأخيرة على خفة الكراهة وحمل صحيحة محمد بن مسلم ونحوها على نفيها رأسا تنبيه حكى عن العلامة في النهاية أنه قال وليس المقتضى للتحريم أو الكراهة النظر لجواز الصلاة وان كانت قدامه عارية ولمنع الأعمى ومن غمض عينه انتهى وظاهره المفروغية من في لاكتفاء بالعمي وغمض البصر ولكن حكى عنه في التحرير أنه قال لو كان الرجل أعمى فالوجه الصحة ولو غمض الصحيح عينه فاشكال وعن الشهيد في البيان أنه قال وفي تنزيل الظلام أو فقد البصر منزلة الحائل نظر أقربه المنع وأولى بالمنع منع الصحيح نفسه عن الابصار وعن الشهيد الثاني في الروض أنه قال والمراد بالحائل الحاجز بينهما بحيث يمنع الرؤية من جدار وستر وغيرهما والظاهر أن الظلمة وفقد البصر كافيان فيه وهو اختيار المصنف في التحرير لا تغميض الصحيح عينيه مع احتماله انتهى أقول لا ريب في انصراف لفظ الحاجز والستر والحائل ونحوها عن الظلمة والعمي ونحوهما فضلا عن تغميض الصحيح عينه بل عدم صدقها عليها عرفا فالحاق مثل هذه الأمور بالحاجز بحسب الظاهر قيام كما أشار إليه في الجواهر فإنه بعد ان نقل عبارة التحرير المتقدمة قال ولعله لتحيل ان المراد بالستر المنع عن النظر ولذا ارتفعت الكراهة مع صلاتها خلف وهو كما ترى من العلة المستنبطة انتهى ولكن لا يبعد ان يدعى ان مغروسية هذه العلة في الذهن مانعة عن ظهور الأخبار الناهية من أن يصلي الرجل وبحياله امرأة تصلي في الاطلاق فهي بنفسها منصرفة عما إذا تعذرت مشاهدتها الظلمة أو عمى ونحوهما فليتأمل أو كان بينهما مقدار عشرة اذرع بلا خلاف يعتد به فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له خبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي الضحى وامامه امرأة تصلي بينهما عشرة اذرع قال لا بأس ليمض في صلاته ولا ينافيه التحديد بأكثر من عشرة اذرع في موثقة عمار حيث قال أبو عبد الله عليه السلام في جواب سؤاله عن انه هل يستقيم للرجل ان يصلي وبين يديه امرأة تصلي لا حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة اذرع وان كانت عن يمينه وعن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك وان كانت تصلي خلفه فلا بأس لما تقدمت الإشارة إليه عند الاستدلال بهذه الموثقة للمنع من أن المتبادر منها إرادة العشرة فما زاد والتعبير بالأكثر جار مجرى العادة في مقام التعبير بلحاظ ان الفصل بهذا المقدار بحث علم بحصوله يمتنع عادة الا على تقدير كونه أكثر فهذه الموثقة هي بنفسها حجة كافية واما الرواية الأولى فيحتمل قويا جريها مجرى التقية لما فيها من الامر بالمضي في صلاته التي يظهر من غير واحد من الاخبار عدم شرعيتها وفي بعضها التصريح بأنها بدعة وكل بدعة ضلالة فيشكل حينئذ الغاء خصوصية مورد السؤال حتى يتم به الاستدلال فان من الجائز ان يكون المقصود بنفي البأس نفيه في خصوص هذه الصلاة التي أمضاها على سبيل التقية لا من حيث كونها صلاة فتأمل وكيف كان فلا اشكال في أصل الحكم بعد عدم معروفية الخلاف فيه ودلالة الموثقة عليه بالتقريب المتقدم مع اعتضاده بظاهر الخبر المزبور وهل المدار على الفصل بالمقدار المزبور في صورة التقدم كصورة التحاذي بين موقفيهما أو بين مسجده وموقفها وجهان أوجههما اعتبار هذا المقدار من الفصل بين جسديهما في جميع الأحوال ففي حال القيام يراعي بين الموقفين وعند السجود بين مسجده وموقفها فلو لم يكن حال القيام بينهما الا بمقدار العشرة فتباعد حال السجود بحيث حصل الفصل بينهما في هذه الحالة أيضا بذلك المقدار اجزائهما ولو كان أحدهما على مرتفع من بناء ونحوه مما يزيد ارتفاعه عن طول قامة الاخر فهو خارج عن منصرف النصوص والفتاوي فيرجع في حكمهما إلى الأصل المقرر عند الشك في الشرطية والمانعية (وهو؟) على ما حققناه في محله ودعوى ان المسامتة من جهة الفوق أو التحت أولى من المحاذاة والتقدم بالمنع غير مسموعة بل وادعى مدع ان كونها على المرتفع الذي لا يراها الرجل أولى بالجواز من تأخرها لكان ذلك أولى بالاذعان والحاصل ان المدار في مثل هذه الأحكام التعبدية على ظواهر الأدلة السمعية فلا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الدعاوي و ادعاه تناول الأدلة السمعية الدالة على المنع لذلك والارتفاع والهبوط مما لا مدخلية فيه قطعا قطع في غير محله كيف مع أن المنساق من النصوص والفتاوي انما هو إرادة المنع مع التحاذي أو كونها بين يديه وبحيال وجهه أو بحياله أو إلى جنبه أو عنده وصدق هذه العناوين على مثل الفرض حقيقة ممنوعة فضلا عن انصراف الأدلة إليه نعم لا يبعد صحة اطلاق كونها عن يمينه أو عن يساره وامامه عرفا الا انه خلاف ما ينسبق إلى الذهن من اطلاقها في بعض اخبار الباب كرواية علي بن جعفر وموثقة عمار المتقدمتين مع أن أوليهما ليست من الأخبار المانعة بل هي دالة على نفي البأس عن أن يصلي الرجل صلاة الضحى وامامه امرأة تصلي بينها وبين عشرة اذرع فهي لا تدل على ثبوت البأس فيما لو كان الفصل بينهما أقل من ذلك فضلا عما لو صلت المرأة على سطح عال والرجل على الأرض مع أنه لا يتبادر من تحديد ما بينهما بعشرة اذرع الا إرادة كونهما في سطح واحد كما أنه كذلك في موثقة عمار ثم لو سلمنا شمول أدلة المنع لذلك يشكل الامر في اعتبار العشرة اذرع فهل هو من موقفه إلى موقفها بعد فرض اعتداله ومساواته لموقف الرجل أو من موقفه إلى أساس الحائط ومن أساس الحائط إلى أعلاه ثم إلى موقفها أو العبرة يكون ما بينهما الذي هو ضلع المثلث عشرة اذرع وجوه أوجههما الأخير إذ التحديد تحديد لما بينهما وهو البعد الفاصل بين الجسمين الذي بملاحظته يندرج في موضوع الاخبار على تقدير تسليمه والله العالم ولو كان الرجل قدامها ولو بصدره فضلا عما لو كانت ورائه بقدر ما يكون موضع سجودها محاذيا لقدمه سقط المنع بناء على كونه تحريميا على الأشبه لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة المتقدمة لا تصلي المرأة بحيال الرجل الا ان يكون قدامه أو لو بصدره وربما يستدل له أيضا بالخبرين النافيين للبأس عما إذا كان سجودها مع ركوعه بحملهما على إرادة موضع ركوعه فيقرب مفادهما من مفاد الصحيحة المتقدمة وفيه ما عرفت من أنه مع اجماله تأويل لا يخلو عن تكلف واستدل له أيضا باخبار الشبر والذراع وما لا يتخطى بحملها على إرادة التأخر بهذا المقدار وفيه ما عرفت فيما سبق من بعد إرادة هذا المعنى من تلك الأخبار ولكن لقائل ان يقول إن المراد بتلك الأخبار اما تأخرها عنه بهذا المقدار أو الفصل بينهما بمثل ذلك أو ان يكون بينهما فاصل كذلك فعلى الأول هي بنفسها شاهدة للمدعى و على الثاني فإن لم تعمه بلفظها فتدل عليه بالفحوى ولكن فيما إذا لم يتصل به بل تأخرت عنه بمقدار شبر منفصلة عنه أيضا بهذا المقدار ويتم القول في صورة تأخرها بلا فصل بينهما بعدم قوله يعتد به بالفصل على تقدير تحققه واما الاحتمال الثالث فهو في حد ذاته بعيد خصوصا بالنسبة إلى بعضها وعلى تقديره أيضا
(١٨٢)