كي يقال إن الحركة عبارة عن الانتقال من مكان إلى مكان وهي تغيير وتصرف في الكون المحرم ولو سلم كونها جزء فهو بالنسبة إلى الفريضة دون النافلة المعلوم عدم توقفها على القيام والركوع ونحوهما فضلا عن الحركات التي هي مقدمة لها نعم نفس الركوع والسجود معتبرة فيها على سبيل التخيير بينهما وبين الايماء الذي لا يتوقف على هذه الحركات وان شئت قلت في توضيح المقام التصرف في المغصوب الحاصل بالصلاة ليس الا الحركات والسكنات الواقعة فيها وليس شئ منهما معتبرا في مهية النافلة حتى حركات الفم التي تتحقق بها القراءة الا على سبيل المقدمية وهذا بخلاف الفريضة فإنهما معتبران فيها في الجملة حيث اعتبر فيها الاستقرار ودعوى ان هذه الأفعال بنفسها تصرفات خاصة في فضاء الغير مغائرة للتصرف الحاصل بكونه في ذلك المكان فهي أيضا بنفسها محرمة قابلة للمنع إذ بعد تسليم كون هذه الأفعال بنفسها تصرفات مستقلة أمكن الخدشة في حرمتها إذ لا يستقل العقل بحرمة مثل هذه التصرفات من حيث هي والأدلة التعبدية أيضا قاصرة عن اثباتها إذ لا استقلال لها بالملاحظة لدى العرف كي يفهم حرمتها من الأدلة التعبدية الدالة على حرمة التصرف في مال الغير من نص أو اجماع نعم لا يبعد ان يدعى انه يعتبر في مفهوم القيام عرفا الاعتماد على المحل وكذا في مفهوم السجود عرفا وشرعا وضع المساجد على الأرض وهما من اظهر أنواع التصرف ولكن هذه الدعوى غير مجدية بالنسبة إلى النافلة التي لا يعتبر شئ منهما في صحتها بل هما من شرائط كمالها فعند فساد القيام ينتفي الفرد الأكمل الا انه يبطل أصل الفعل وفساد السجود أيضا لا يبطل أصل الفعل حيث إنه يكفي في صحته الايماء الحاصل بهذا السجود فإنه الفرد الكامل من الايماء ولا يتوقف صحته على قصد البدلية بل يكفي فيه قصد التقرب في امتثال الامر المتوجه إليه المتعلق بأحد الفعلين على سبيل التخيير بفعله الخاص هذا غاية ما يمكن ان يقال في توجيه هذا القول ولكن الالتزام به في غاية الاشكال فان انكار حصول التصرف في ملك الغير بصلاة ذات ركوع وسجود كما هو قضية هذا التوجيه لا يخلو عن مكابرة فإنها لدى العرف من اظهر انحاء الانتفاع بمال الغير والتصرف فيه كما أن ادعاء حصول امتثال الامر بالايماء بحصول هذا الفعل الذي لم يقصد به الا السجود المبائن ذاتا ووجودا لا يخلو عن مجازفة نعم لو أريد صحتها عند الاتيان بها مؤميا للركوع و السجود لا مطلقا فهو لا يخلو عن وجه فإنها وان لا تخلو لدى التحليل عن التصرف وكيف لا مع أن الحركة من مقومات مفهوم الايماء ولا شبهة في كونها تصرفا ولكن لا يبعد دعوى قصور الأدلة عن اثبات حرمة مثل هذه التصرفات بل يمكن ان يدعى استقرار السيرة على عدم رعاية رضاء المالك في مثله؟ بكية؟ لا يخلو عن نظر فإنه وان أمكن دعوى استقرار السيرة على عدم رعاية رضاء المالك في مثل هذه التصرفات وقصور الأدلة عن شمولها ولكن هذا فيما إذا لوحظت بنفسها لا مع غيرها من التصرفات فالأحوط بل الأقوى المنع مطلقا ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ما لو اتى بها في حال الدخول أو الخروج لان خروجه أيضا كدخوله مبغوض ومعاقب عليه لان عمله من أوله إلى اخره قبيح منهى عنه فلا يصح ان يقع عبادة وانقطاع النهي بعد ان دخل وصيرورة خروجه مأمورا به لا يجدي في صحة صلاته بعد ان قبح فعله المتحد معها وجودا وصح العقاب عليه وليس الامر بخروجه الا لكونه أقل مفسدة من البقاء نعم لو ندم عن عمله وتاب ثم خرج بقصد التخلص من الغصب لا يبعد القول بالصحة ان لم يكن موجبا لتصرف زائد عما يتوقف عليه الخروج وسيأتي مزيد وتوضيح للمقام عند تعرض المصنف لهذا الفرع والله العالم وقد ظهر مما تقدم ان البطلان الناشي عن القاعدة المزبورة لا يختص بالصلاة بل هو ثابت في كل عبادة اتحد شئ من اجزائها مع الغصب المحرم وهذا مما لا تأمل فيه ولكن الاشكال في تخصيص مصاديق هذه القاعدة الكلية في كثير من الموارد كالتطوع في المكان المغصوب الذي تقدم الكلام فيه وعرفت فيما تقدم ان القول ببطلانه لا يخلو عن قوة ومن جملة الموارد التي وقع الاشكال بل الخلاف فيها الوضوء في المكان المغصوب فقد حكى عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى وصاحب المدارك وشيخنا البهائي القول بصحته معللا بان الكون ليس جزء ولا شرطا فيه خلافا لما حكى عن غير واحد من الجزم بالبطلان بدعوى اتحاد افعاله مع الغصب وهو لا يخلو عن اشكال واشكل منه الأغسال الواجبة والمندوبة حيث إنه يعتبر في الوضوء المسح الذي هو عبارة عن امرار الماسح على الممسوح الذي هو عين الحركة التي لا تأمل في كونها تصرفا في المغصوب وان كان قد يتأمل في حرمة مثل هذا التصرف نظرا إلى قصور الأدلة عن إفادتها الحرمة لمثل هذه التصرفات الغير المعتد بها في العرف كما تقدم الإشارة إليه انفا ولكنك عرفت فيما تقدم ان الأقوى خلافه وان قصور الأدلة لو سلم فإنما هو عند استقلال هذا النحو من التصرفات بالملاحظة لا عند ملاحظتها منضمة إلى ما عداها من التصرفات الحاصلة في الغصب فلا ينبغي التأمل في فساد الوضوء من هذه الجهة ولكن لو غسل وجهه ويديه في المكان المغصوب ثم مسح رأسه ورجليه في خارجه فيكون حاله حال الغسل الذي قد يقوى في النظر صحته نظرا إلى أن المعتبر في ماهيته ليس الا غسل الأعضاء وامرار اليد على العضو وغيرها من الآلات التي يستعان بها على اجراء الماء على العضو كاخذ الماء من أبنية مغصوبة أمور خارجة عن ماهية الغسل ليست معتبرة في الغسل الا من باب المقدمة فلا يؤثر حرمتها في فساد الغسل عند في لانحصار كما تقرر في محله وما يقال من أنه يعتبر في حصول مفهوم الغسل جريان الماء على العضو المغسول وهو عبارة عن انتقاله من عضو إلى اخر فهو حركة توليدية من فعل المكلف وقد تعلق التكليف به بهذه الملاحظة فيمتنع اجتماعه مع الحرام إذا كان عبادة كما في الفرض وتوهم قصور الأدلة عن إفادة حرمة مثل هذا التصرف قد عرفت اندفاعه انفا مدفوع بما حققناه في محله من أن العبرة في باب الوضوء والغسل انما هو بوصول الماء إلى العضو لا بجريانه عليه كما شهد بذلك الصحيح الناطق بأنه إذا مس جلدك الماء فحسبك ولكن الأقوى هو البطلان فان كون وصول الماء أو جريانه مناطا للصحة لا يقتضي خروج هذه الأفعال التي يتحقق بها الوصول والجريان عن مهية الغسل المأمور به فغسل الرجل وجهه بالماء عند استعمال يده فيه عبارة عن العمل الخارجي المشاهد المحسوس الذي به يحصل انغسال العضو وذهاب وسخه كما أن غسل الثوب في الإجانة مثلا عبارة عن العمل الخاص المشتمل على الفرك والدلك وغيرهما مما هو في الحقيقة من العوارض المشخصة لاستعمال الماء المؤثر في إزالة الوسخ الذي هو حقيقة الغسل فغسل الوجه المأمور به في الوضوء مثلا ليس
(١٧٤)