وبالجملة: لا يتحقق الذم في المناهي إلا في المحرمات، وأما المدح في الأفعال المأمور بها فيتحقق في كل من واجبها ومندوبها، فحصول الذم في طرف المناهي موجب للحرمة بخلاف الفعل المأمور به، فإن مجرد المدح عليه لا يوجب وجوبه.
قوله - قدس سره -: (ولكن الظاهر من بعض الأخبار المتقدمة مثل قوله عليه السلام: «من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرمات» (1)... إلى آخره) (2) وجه استظهار الاستحباب مما ذكر أن معنى قوله عليه السلام:
«نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرمات» أن من ارتكب الشبهة يحصل لنفسه حالة شقوة تحمله على ارتكاب المحرمات المعلومة، بحيث لا يبالي بها، فمن تركها يسلم من ذلك، وهذا مما يصلح أن يكون حكمة للاستحباب، فإنه أمر حسن ممدوح، ومعه يمكن حمل الطلب على الاستحباب، بل ظاهر فيه.
قوله - قدس سره -: (لأن معنى الإباحة الإذن والترخيص) (3) هذا بناء على أن حقيقة الإباحة هو الإذن، والإذن ليس إلا الترخيص المعلوم، فإنه مأخوذ من الأذان بمعنى الإعلام، ومنه قوله تعالى: وأذان من الله... (4) وقوله تعالى: ثم أذن مؤذن أيتها العير... (5)، فالترخيص الواقعي [إذا] لم يحصل العلم به لا يكون إباحة، فلا يكون الشيء الغير المعلوم ترخيصه من الشارع مباحا في الواقع، فيكون حراما واقعا.