الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٠٧
لها أيام معهودة أو لم تكن، على قوله: عدتها من الوفاة أربعة أشهر وعشر.
ولم يقس بعضهم قوله: من قتل أمة أو عبدا قيمة كل واحد منهما مائة ألف درهم لم يغرم في العبد إلا عشرة آلاف درهم غير عشرة دراهم، وفي الأمة خمسة آلاف درهم غير خمسة دراهم، فإن كانت القيمة أقل من عشرة آلاف في العبد وخمسة آلاف في الأمة غرم القيمة كلها، على قوله: إن غصب عبدا أو أمة فماتا عنده غرم قيمتهما، ولو بلغت ألف درهم، ولم يقس هذا الهذيان على سائر أقواله: إن أحكام العبد على نصف أحكام الحر، في النكاح والطلاق وغير ذلك.
ولم يقس قوله: إنه يقص بين الحر والعبد والكافر والمؤمن في النفس على قوله: إن ما دون النفس يقص فيه بين المؤمن والكافر، ولا يقص فيه بين العبد والحر.
ولم يقس بعضهم قوله: يقتل عشرة بواحد على قوله: لا تقطع يدان بيد، ولا عينان بعين.
ولم يقس بعضهم قوله: لا يستقاد من أحد بحجارة ولا بطعنة رمح، على قوله:
يقتل الزاني المحصن بالحجارة والمحارب بالطعن بالرمح.
ولم يقس بعضهم إباحته قتل المرأة في الزنى وفي القود على قوله في منع قتلها إذا ارتدت. قال أبو محمد: فيما ذكرنا كفاية على أننا لم نكتب من تناقضهم في القياس، وتركهم له إلا جزءا يسيرا جدا من أجزاء عظيمة جدا، ولو تقصينا ذلك لقام منه ديوان أعظم من جميع ديواننا هذا كله.
وكل ما ذكرنا فإنهم إن احتجوا فيه بإجماع على تركه لم ينفكوا من أحد وجهين: إما أن يدعوه بغير علم فيكذبوا، وإما أن يصدقوا في ذلك، فإن كانوا قد صدقوا أقروا أن الاجماع جاء بترك القياس، ولو كان حقا ما جاء الاجماع بتركه، وإن ادعوا أنهم تركوا القياس حيث تركوه لنص وارد في ذلك، فاعلموا أن كل قياس خالفناهم فيه، فإن النص قد ورد بخلاف ذلك القياس، لا بد من ذلك، وإن قالوا بتركنا القياس حيث تركناه لدليل غير النص، قلنا لهم هذا ما لا نعرفه ولا ندريه، وأي دليل يكون أقوى من النص؟ هذا عدم لا سبيل إلى وجوده أبدا.
وبالجملة فكل واحد منهم إنما استعمل القياس في يسير من مسائله جدا، وتركه
(١١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1102 1103 1104 1105 1106 1107 1108 1109 1110 1111 1112 ... » »»
الفهرست