الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٨٩
بطلت، وإن أكل ناسيا وهو صائم بطل صومه، وفرقوا بين من نسي صلاة يوم وليلة وبين من نسي أكثر ولم يقيسوا أحدهما على الآخر، وبعضهم قاس كل ذلك على السواء.
وقاس بعضهم الجمع بين الذهب والفضة في الزكاة، على الجمع بين المعز والضأن في الزكاة، ولم يقسه على التفريق بين التمر والزبيب في الزكاة، وبعضهم قاسه على التفريق المذكور لا على الجمع، وأعجب من ذلك أن من ذكرنا رأى إخراج ذهب عن فضة، وفضة عن ذهب، ولم ير إخراج عنز عن ضانية، ولا ضانية عن عنز، ولا برا عن شعير، ولا شعيرا عن بر، ولم يقس بعض ذلك على بعض أو بعضهم أجاز كل ذلك بالقيمة قياسا.
وفرق بعضهم بين غلة ما ابتيع للتجارة وبين الربح المتولد في ذلك، فرأى في الغلة الاستئناف، ورأى في الربح ضمه إلى أصل الحول في رأس المال، ولم يقس أحدهما على الآخر، وقاس غيره منهم بعض ذلك ببعض في الاستئناف أو في الضم، وأوجبوا ديون الناس من رأس المال، ولم يوجبوا ديون الله تعالى إلا من الثلث، ولم يقيسوا أحدهما على الآخر، وساوى بعضهم بين الامرين.
ولم يقس بعضهم الحلي، وإن كان لكراء أو لباس، على العوامل المعلوفة من الإبل والبقر والغنم، فبعضهم أوجب الزكاة في الحلي وأسقطها عن العوامل، وبعضهم أوجب الزكاة في العوامل، وأسقطها عن الحلي، وبعضهم قاس أحدهما على الآخر في إسقاط الزكاة عن كل ذلك، والعجب أن الذي أسقط الزكاة عن الحلي الكراء لم يقس عليه الحلي المبتاع للتجارة ورأى فيه الزكاة.
وبعضهم فرق بين عبيد العبيد فلم يرهم كسادتهم، ولا كسادات ساداتهم في وجوب زكاة الفطر المأخوذة، ورأى على عبيد أهل الذمة أن يؤخذ منهم ما يؤخذ من سادات ساداتهم إذا اتجروا إلى غير أفقهم.
وبعضهم رأى الزكاة في زيت الفجلة، ولم يرها في الترمس، ولم يقس أحدهما على الآخر، وبعضهم الزكاة في جب الآس، ولم يرها في البلوط ولم يقس أحدهما على الآخر.
وبعضهم لم يقس الدين على الرهن في الكفن، فرأى الكفن فيه أولى
(١٠٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1084 1085 1086 1087 1088 1089 1090 1091 1092 1093 1094 ... » »»
الفهرست