الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ٨٣
جرما في الاسلام من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته. وفي قوله عليه السلام: إنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم.
ويبين صحة قولنا هذا قوله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم، قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين) * فأخبر تعالى بنص ما قلنا وله الحمد، وبين لنا أن الأشياء معفوة ساقطة عنا قبل أن نسأل عنها، فإذا سألنا عنها لزمتنا، ولعلنا نعصي حينئذ فنهلك، وكل ذلك قد سبق في علمه عز وجل.
وأما تأخر نزول: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) في قصة ابن الزبعرى إذ اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في تلاوة (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) فقال: نحن نعبد الملائكة والنصارى يعبدون عيسى، فهم في جهنم معنا، فإن ابن الزبعرى كان مغفلا عن تدبر الآية الأولى وقد كان له فيها كفاية له عقل، ولكن الثانية أتت مؤكدة لها فقط وهي إخباره تعالى عن سؤاله الملائكة فقال تعالى: (ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون) * فأخبر تعالى عن الملائكة الصادقين المقدسين أنهم قالوا: * (سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) * فليس قول القائل: أنا أعبد الملائكة، ولا قول النصارى: نحن نعبد المسيح موجب لصدقهم، لان العبادة إنما هي الاتباع والانقياد مأخوذة من العبودية، وإنما يعبد المرء من ينقاد له، ومن يتبع أمره، وأما من يعصي ويخالف فليس عابدا له وهو كاذب في ادعائه أنه يعبده.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122