الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ٧٩
وانتهره عليه السلام وأخبره بأنها بينة يكفي من فهمها الآية التي نزلت في الصيف، وكما عرض لعدي في توهمه أن الخيط الأبيض والأسود من خيوط الناس حتى زاده الله تعالى بيانا في أن ذلك من الفجر، وقد اكتفى غير عدي بالآية نفسها، وعلم أن المراد الفجر. وكما توهم ابن أم مكتوم أنه ملوم في تأخره عن الغزو، فزاده الله بيانا باستثناء أولي الضرر، وقد اكتفى غير ابن أم مكتوم بسائر النصوص الواردة في رفع الحرج، وأن لا حرج على مريض ولا أعمى، وأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
قال علي: فهذه حقائق الكلام في البيان وتأخيره مجموعة باستيعاب وإيجاز وبالله تعالى التوفيق.
والتأكيد نوع من أنواع البيان، قال الله عز وجل: * (تلك عشرة كاملة) وقال تعالى: (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) بعد أن ذكر تعالى ثلاثين ليلة وعشرا، فإن قال قائل: إن الله تعالى علمنا الحساب بذلك فقد افترى، لأننا كنا نعلم الحساب قبل نزول القرآن، نعني النوع الانسان جملة، وبالله تعالى التوفيق، وقد أتى بعض أهل القياس المتحذلقين المتنطعين في قوله تعالى: (تلك عشرة كاملة) آبدة فقال معنى قوله تعالى: (تلك عشرة كاملة) دليل على أن الهدي الذي عوض منه الصوم في التمتع لا يكون إلا كاملا.
قال علي: وأول ما في هذا القول الدعوى بلا دليل، وهذا حرام لا سيما على الله عز وجل، وأيضا فإنه قد جل الله تعالى عن أن يريد أن يكون الهدي كاملا فيترك أن يصفه بذلك، ويقتصر على أن يقول: (فما استيسر من الهدي) ثم ينبه على كمال الهدي بذكر أن تكون العشرة الأيام في الصوم كاملة، فبان كذب هذا القائل، وصح أن قوله تعالى: (عشرة كاملة) كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الزكاة، فابن لبون ذكر، وكقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الفرائض:
فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر وإنما هذا توكيد وبيان زائد فقط.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122