الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ١١٢
قد أمنا كونه ولله الحمد، وإذا صح هذا فقد ثبت يقينا أن خبر الواحد العدل عن قد أمنا كونه ولله الحمد وإذا صح هذا فقد ثبت يقينا أن خبر الواحد العدل عن مثله مبلغا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حق مقطوع به موجب للعمل والعلم معا.
وأيضا قال الله تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم) * وقد قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس نسألهم هل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله إليه أو لم يبين؟ وهل بلغ ما أنزل الله إليه أو لم يبلغ؟ ولا بد من أحدهما، فمن قولهم إنه عليه السلام قد بلغ ما أنزل الله إليه وبينه للناس، وأقام به الحجة على من بلغه، فنسألهم عن ذلك التبليغ وذلك البيان: أهما باقيان عندنا وإلى يوم القيامة؟ أم هما غير باقيين؟ فإن قالوا: بل هما باقيان وإلى يوم القيامة رجعوا إلى قولنا، وأقروا أن الحق من كل ما أنزل الله تعالى في الدين مبين مما لم ينزله، مبلغ إلينا وإلى يوم القيامة، وهذا هو نص قولنا في أن خبر الواحد العدل عن مثله مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حق مقطوع على مغيبه موجب للعلم والعمل.
وإن قالوا: بل هما غير باقين، دخلوا في عظيمة وقطعوا بأن كثيرا من الدين قد بطل، وإن التبليغ قد سقط في كثير من الشرائع، وأن تبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم لكثير من الدين قد ذهب ذهابا لا يوجد معه أبدا، وهذا هو قول الروافض بل شر منه، لان الروافض ادعت أن حقيقة الدين موجودة عند إنسان مضمون كونه في العالم، وهؤلاء أبطلوه من جميع العالم، ونعوذ بالله من كلا القولين.
وأيضا فإن الله تعالى قال: * (قل انما حرم ربى الفواحش ما طهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق، وان تشركوا بالله ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) * وقال تعالى: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) * وقال تعالى: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) * وقال تعالى ذاما لقوم قالوا (إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) * وقال تعالى: (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) *.
وقد صح أن الله تعالى افترض علينا العمل بخبر الواحد الثقة عن مثله مبلغا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، وقال عليه السلام كذا، وفعل عليه السلام كذا، وحرم القول في دينه
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122