الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ١٢٣
الامرين فيه، وليس خطؤنا نحن إن أخطأنا، وجهلنا إن جهلنا، حجة على وجوب ضياع دين الله تعالى، بل الحق ثابت معروف عند طائفة وإن جهلته أخرى، والباطل كذلك أيضا، كما يجهل قوم ما نعلمه نحن أيضا، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، ولا يصح الخطأ في خبر الثقة إلا بأحد ثلاثة أوجه: إما تثبت الراوي واعترافه بأنه أخطأ فيه، وإما شهادة عدل على أنه سمع الخبر مع راويه فوهم فيه فلان، وإما بأن توجب المشاهدة بأنه أخطأ.
قال علي: وكذلك نقطع ونبت في كل خبرين صحيحين متعارضين، وكل آيتين متعارضتين، وكل آية وخبر صحيح متعارضين، وكل اثنين متعارضين، لم يأت نص بين بالتناسخ منهما، فإن الحكم الزائد على الحكم المتقدم من معهود الأصل هو الناسخ، وأن الموافق لمعهود الأصل المتقدم، وهو المنسوخ قطعا يقينا للبراهين التي قدمنا من أن الدين محفوظ، فلو جاز أن يخفى فيه ناسخ من منسوخ، أو أن يوجد عموم لا يأتي نص صحيح بتخصيصه، ويكون المراد به الخصوص، لكان الدين غير محفوظ، ولكانت الحجة غير قائمة على أحد في الشريعة، ولكنا متعبدين بالظن الكاذب المحرم، بل بالعمل بما لم يأمر الله تعالى قط به، وهذا باطل مقطوع على بطلانه قال علي: فإن وجد لنا يوما غير هذا فنحن تائبون إلى الله تعالى منه، وهي وهلة نستغفر الله عز وجل منها، وإنا لنرجو ألا يوجد لنا ذلك بمن الله تعالى ولطفه.
صفة من يلزم قبوله نقل الاخبار قال أبو محمد: واستدركنا برهانا في وجوب قبول الخبر الواحد قاطعا، وهو خبر الله تعالى عن موسى عليه السلام إذ جاءه: * (رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) فخرج منها خائفا يترقب - إلى قوله تعالى - إن يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا - إلى قوله تعالى - إني أريد أن أنكحك إحدى ابتنى هاتين على أن تأجرني ثماني حجج)
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122