الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ١١٩
الشهود كذبة أو واهمين أو صادقين، إذا لم يعلم باطن أمرهم. ونحن مأمورون يقينا بأمر الله عز وجل لنا بأن نقتل هذا البرئ المشهود عليه بالباطل، وأن نبيح هذ البشرة المحرمة، وهذا المال الحرام المشهود فيه بالباطل، وحرم على المبطل أن يأخذ شيئا من ذلك. وقضى ربنا بأننا إن لم نحكم بذلك فإننا في الدين فساق عصاة له تعالى ظلمه متوعدون بالنار على ذلك وما أمرنا تعالى قط بأن نحكم في الدين بخبر وضعه فاسق أو وهم فيه وأهم.
وقال تعالى: (فهذا فرق في غاية البيان.
وفرق ثالث، وهو أن نقول: إن الله تعالى افترض علينا أن نقول في جميع الشريعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمرنا الله تعالى بكذا، لأنه تعالى يقول:
* وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ففرض علينا أن نقول: نهانا الله تعالى ورسول صلى الله عليه وسلم عن كذا، وأمرنا بكذا، ولم يأمرنا تعالى قط أن نقول: شهد هذا بحق، ولا حلف هذا الجانب على حق، ولا أن هذا الذي قضينا به لهذا حق له يقينا، ولا قال تعالى ما قال هذا الشاهد، لكن الله تعالى قال لنا: احكموا بشهادة العدول، وبيمين المدعى عليه إذا لم يقم عليه بينة، وهذا فرق لا خفاء به فلم نحكم بالظن في شئ من كل ذلك أصلا ولله الحمد، بل بعلم قاطع، ويقين ثابت أن كل ما حكمنا به مما نقله العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحق من عند الله تعالى أوحى به ربنا تعالى، مضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محكي عنه أنه قال وكل ما حكمنا فيه بشهادة العدول عندنا فحق مقطوع به من عند الله تعالى لأنه أمرنا بالحكم به، ولم يأمرنا بأن نقول فيما شهدوا به، وما حلف به الحالف أنه من عند الله تعالى، ولا أنه حق مقطوع به، فإن قالوا: إنما قال تعالى : إن بعض الظن إثم ولم ولم يقل كل الظن إثم. قلنا: قد بين الله تعالى الاثم من البر وهو أن القول عليه تعالى بما لا نعلم حرام، فهذا من الظن الذي هو إثم بلا شك.
قال علي: فلجأت المعتزلة إلى الامتناع من الحكم بخبر الواحد، للدلائل التي ذكرنا، وظنوا أنهم تخلصوا بذلك ولم يتخلصوا، بل كل ما لزم غيرهم مما ذكرنا هو ملازم لهم، وذلك أننا نقول لهم أخبرونا عن الاخبار التي رواها الآحاد أهي كلها
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122