تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٧
وقوله: (ذلك ذكرى): إشارة إلى الصلوات، أي: هي سبب الذكرى، وهي العظة، ويحتمل أن تكون إشارة إلى الإخبار بأن الحسنات يذهبن السيئات.
/ ويحتمل أن تكون إشارة إلى جميع ما تقدم من الأوامر والنواهي والقصص في هذه السورة، وهو تفسير الطبري.
(فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية...) الآية، (لولا): هي التي للتحضيض، لكن، يقترن بها هنا معنى التفجع والتأسف الذي ينبغي أن يقع من البشر على هذه الأمم التي لم تهتد، وهذا نحو قوله سبحانه: (يا حسرة على العباد) [يس: 30]، والقرون من قبلنا قوم نوح وعاد وثمود، ومن تقدم ذكره.
وقوله: (أولوا بقية): أي: أولوا بقية من عقل وتمييز ودين، (ينهون عن الفساد) وإنما قيل: (بقية)، لأن الشرائع والدول ونحوها، قوتها في أولها، ثم لا تزال تضعف فمن ثبت في وقت الضعف، فهو بقية الصدر الأول.
و (الفساد في الأرض): هو الكفر وما اقترن به من المعاصي، وهذه الآية فيها تنبيه لهذه الأمة وحض على تغيير المنكر، ثم استثنى عز وجل القوم الذين نجاهم مع أنبيائهم، وهم قليل بالإضافة إلى جماعاتهم، و (قليلا) استثناء منقطع، أي: لكن قليلا ممن أنجينا منهم، نهوا عن الفساد، و " المترف ": المنعم الذي شغلته ترفته عن الحق حتى هلك، (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم) منه سبحانه وتعالى عن ذلك، (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة): أي مؤمنة لا يقع منهم كفر، قاله قتادة، ولكنه عز وجل لم يشأ ذلك، فهم لا يزالون مختلفين في الأديان والآراء والملل، هذا تأويل الجمهور، (إلا من رحم ربك)، أي: بأن هداه إلى الإيمان، وقوله تعالى: (ولذلك خلقهم): قال الحسن: أي:
وللاختلاف خلقهم.
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة