تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣١٨
في " أمره " يحتمل أن يعود على يوسف، قاله الطبري، ويحتمل أن يعود على الله عز وجل، قاله ابن جبير، فيكون إخبارا منبها على قدرة الله عز وجل ليس في شأن يوسف خاصة، بل عاما في كل أمر، و " الأشد ": استكمال القوة وتناهي بنية الإنسان، وهما أشدان: أولهما، البلوغ، والثاني: الذي يستعمله العرب.
وقوله سبحانه: و (آتيناه حكما وعلما): يحتمل أن يريد بالحكم: الحكمة والنبوة، وهذا على الأشد الأعلى، ويحتمل أن يريد بالحكم: السلطان في الدنيا وحكما بين الناس، وتدخل النبوة وتأويل الأحاديث وغير ذلك في قوله: (وعلما)، وقال ابن العربي:
(آتيناه حكما وعلما): الحكم هو العمل بالعلم. انتهى.
وقوله سبحانه: (وكذلك نجزي المحسنين): عبارة فيها وعد للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: فلا يهولنك فعل الكفرة وعتوهم عليك، فالله تعالى يصنع للمحسنين أجمل صنع.
وقوله سبحانه: (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه): المراودة: الملاطفة في السوق إلى غرض، و (التي هو في بيتها) هي زليخا امرأة العزيز، وقوله: (عن نفسه):
كناية عن غرض المواقعة، وظاهر هذه النازلة أنها كانت قبل أن ينبأ عليه السلام، وقولها:
(هيت لك): معناه: الدعاء، أي: تعال وأقبل على هذا الأمر، قال الحسن: معناها:
هلم، قال البخاري: قال عكرمة: (هيت لك) بالحورانية: هلم.
وقال ابن جبير: تعاله، انتهى.
وقرأ هشام عن ابن عامر: " هئت لك " - بكسر الهاء والهمز وضم التاء -، ورويت عن أبي عمرو، وهذا يحتمل أن يكون من هاء الرجل يهئ، إذا حسن هيئته، ويحتمل أن يكون بمعنى: تهيأت، و (معاذ): نصب على المصدر، ومعنى الكلام: أعوذ بالله، ثم
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة