تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٩
قوله سبحانه: (قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار) هذه حكاية ما يقول الله سبحانه لهم يوم القيامة، بواسطة ملائكة العذاب، نسأل الله العافية. وعبر عن يقول ب‍ " قال " لتحقق وقوع ذلك، وصدق القصة، وهذا كثير، و (خلت) حكاية عن حال الدنيا، أي: ادخلوا في النار في جملة الأمم السابقة لكم في الدنيا الكافرة.
* ت *: وكذا قدره أبو حيان في جملة " أمم "، قال: وقيل: " في " بمعنى " مع " أي: مع أمم، وتقدم له في " البقرة " أن " في " تجيء للمصاحبة، كقوله تعالى: (ادخلوا في أمم قد خلت) انتهى.
وقدم ذكر الجن، لأنهم أعرق / في الكفر، وإبليس أصل الضلال والإغواء، وهذه الآية نص في أن كفرة الجن في النار، والذي يقتضيه النظر أن مؤمنيهم في الجنة، لأنهم عقلاء، مكلفون، مبعوث إليهم، آمنوا وصدقوا، وقد بوب البخاري رحمه الله بابا في ذكر الجن، وثوابهم، وعقابهم.
وذكر عبد الجليل: أن مؤمني الجن يكونون ترابا كالبهائم، وذكر في ذلك حديثا مجهولا، وما أراه يصح. والله أعلم. والإخوة في هذه الآية إخوة الملة.
قال * ص *: في " النار " متعلق ب‍ " خلت "، أو بمحذوف، وهو صفة ل‍ " أمم " أي:
في أمم سابقة، في الزمان كائنة، من الجن والإنس كائنة في النار، ويحتمل أن يتعلق ب‍ " ادخلوا " على أن " في " الأولى بمعنى " مع "، والثانية للظرفية، وإذا اختلف مدلول الحرفين، جاز تعلقهما بمحل واحد. انتهى.
(وادركوا) معناه: تلاحقوا، أصله: تداركوا أدغم، فجلبت ألف الوصل.
وقال البخاري: (اداركوا) اجتمعوا. انتهى. وقوله سبحانه: (قالت أخراهم لأولاهم) معناه: قالت الأمم الأخيرة التي وجدت ضلالات متقررة، وسننا كاذبة مستعملة للأولى التي شرعت ذلك، وافترت على الله، وسلكت سبيل الضلال ابتداء (ربنا هؤلاء أضلونا)، أي: طرقوا لنا طرق الضلال، (قال لكل ضعف) أي: عذاب مشدد على الأول والآخر (ولكن لا تعلمون) أي المقادير، وصور التضعيف.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة