تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٨٧
ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون) نوع تفريع على تبرى الملائكة منهم وقد بين تبرى عامة المتبوعين من تابعيهم والتابعين من متبوعيهم في مواضع كقوله تعالى: (ويوم القيامة يكفرون بشرككم) فاطر: 14، وقوله: (ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) العنكبوت: 25. ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا الا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم) الخ، خطابهم هذا لعامتهم بعد استماع الآيات تنبيه لهم على الجد في التمسك بدين آبائهم وتحريض لهم عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وفى توصيف الآيات بالبينات نوع عتبى كأنه قيل: إذا تتلى عليهم هذه الآيات وهي بينة لا ريب فيها فبدلا من أن يدعوا عامتهم إلى اتباعها حثوهم على الاصرار على تقليد آبائهم وحرضوهم عليه - وفى إضافة الاباء إلى ضمير (كم) مبالغة في التحريض والإثارة.
وقوله: (وقالوا ما هذا الا افك مفترى) معطوف على (قالوا) أي وقالوا مشيرا إلى الآيات البينات إشارة تحقير: ليس هذا الا كلاما مصروفا عن وجهه مكذوبا به على الله، بدلا من أن يقولوا: انها آيات بينات نازلة من عند الله تعالى - وقد أشاروا إلى الآيات البينات بهذا دلالة على أنهم لم يفهموا منها الا أنها شئ ما لا أزيد من ذلك.
ثم غير سبحانه السياق وقال: (وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) ومجيئ الحق لهم بلوغه وظهوره لهم، والاخذ بوصف الكفر للاشعار بالتعليل والمعنى: والذين كفروا بعثهم الكفر إلى أن يقولوا للحق الصريح الذي بلغهم وظهر لهم هذا سحر ظاهر سحريته وبطلانه.
وأكد اصرارهم على دحض الحق باتباع الهوى من غير دليل يدل عليه بقوله:
(وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) والجملة حالية أي وعد الذين كفروا - أي كفار قريش - الحق الصريح الظاهر لهم سحرا مبينا والحال انا لم نعطهم كتبا يدرسونها حتى يميزوا بها الحق من الباطل ولم نرسل إليهم قبلك من رسول ينذرهم ويبين لهم ذلك فيقولوا استنادا إلى الكتاب الإلهي أو إلى قول الرسول النذير: انه حق أو باطل.
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست