تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٧٧
وقوله: (وأزواجه أمهاتهم) جعل تشريعي أي انهن منهم بمنزلة أمهاتهم في وجوب تعظيمهن وحرمة نكاحهن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما سيأتي التصريح به في قوله:
(ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا.
فالتنزيل انما هو في بعض آثار الأمومة لا في جميع الآثار كالتوارث بينهن وبين المؤمنين والنظر في وجوههن كالأمهات وحرمة بناتهن على المؤمنين لصيرورتهن أخوات لهم وكصيرورة آبائهن وأمهاتهن أجدادا وجدات وإخوتهن وأخواتهن أخوالا وخالات للمؤمنين.
قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) الخ، الأرحام جمع رحم وهي العضو الذي يحمل النطفة حتى تصير جنينا فيتولد، وإذ كانت القرابة النسبية لازمة الانتهاء إلى رحم واحدة عبر عن القرابة بالرحم فسمى ذوو القرابة أولى الأرحام.
والمراد بكون أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض، الأولوية في التوارث، وقوله:
(في كتاب الله) المراد به اللوح المحفوظ أو القرآن أو السورة، وقوله: (من المؤمنين والمهاجرين) مفضل عليه والمراد بالمؤمنين غير المهاجرين منهم، والمعنى: وذوو القرابة بعضهم أولى ببعض من المهاجرين وسائر المؤمنين الذين كانوا يرثون بالمؤاخاة الدينية، وهذه الأولوية في كتاب الله وربما احتمل كون قوله: (من المؤمنين والمهاجرين) بيانا لقوله: (وأولوا الأرحام).
والآية ناسخة لما كان في صدر الاسلام من التوارث بالهجرة والموالاة في الدين.
وقوله: (الا تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) الاستثناء منقطع، والمراد بفعل المعروف إلى الأولياء الوصية لهم بشئ من التركة، وقد حد شرعا بثلث المال فما دونه، وقوله:
(كان ذلك في الكتاب مسطورا) أي حكم فعل المعروف بالوصية مسطور في اللوح المحفوظ أو القرآن أو السورة.
قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) إضافة الميثاق إلى ضمير النبيين دليل على أن المراد بالميثاق ميثاق خاص بهم كما أن ذكرهم بوصف النبوة مشعر بذلك فالميثاق
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست