تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٨١
فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر ولده زيد قدم مكة وكان رجلا جليلا فأتى أبا طالب فقال: يا أبا طالب ان ابني وقع عليه السبي وبلغني أنه صار إلى ابن أخيك تسأله اما أن يبيعه واما أن يفاديه واما أن يعتقه.
فكلم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله: هو حر فليذهب حيث شاء فقام حارثة فأخذ بيد زيد فقال له: يا بنى الحق بشرفك وحسبك، فقال زيد: لست أفارق رسول الله، فقال له أبوه: فتدع حسبك ونسبك وتكون عبد القريش؟ فقال زيد: لست أفارق رسول الله ما دمت حيا، فغضب أبوه فقال: يا معشر قريش اشهدوا أنى قد برئت منه وليس هو ابني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني. فكان زيد يدعى ابن محمد وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحبه وسماه زيد الحب.
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة زوجه زينب بنت جحش وأبطأ عنه يوما فأتى رسول الله منزله يسأل عنه فإذا زينب جالسة وسط حجرتها يستحق طيبها بفهر لها فدفع رسول الله الباب ونظر إليها وكانت جميلة حسنة فقال: سبحان الله رب النور وتبارك الله أحسن الخالقين، ثم رجع رسول الله إلى منزله ووقعت زينب في قلبه موقعا عجيبا.
وجاء زيد إلى منزله فأخبرته زينب بما قال رسول الله فقال لها زيد: هل لك أن أطلقك حتى يتزوج بك رسول الله؟ فقالت: أخشى أن تطلقني ولا يتزوجني رسول الله. فجاء زيد إلى رسول الله فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أخبرتني زينب بكذا وكذا فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها؟ فقال له رسول الله: لا اذهب واتق الله وامسك عليك زوجك، ثم حكى الله فقال: (أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه - فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها - إلى قوله - وكان امر الله مفعولا) فزوجه الله من فوق عرشه.
فقال المنافقون: يحرم علينا نساء أبنائنا ويزوج امرأة ابنه زيد فأنزل الله في هذا (وما جعل أدعياءكم أبناءكم - إلى قوله - يهدى السبيل).
أقول: وروى قريبا منه مع اختلاف ما في الدر المنثور عن ابن مردويه عن ابن عباس.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست