تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٥٣
وربما جوز بعض النحاة ان يكون (لا تصيبن) ونهيا واردا في جواب الامر كما يقال: اتق زيدا لا يضربك أو لا يضربنك والتقدير: اتق زيدا فإنك إن اتقيته لا يضربك ولم يشترط في نون التأكيد أن لا يدخل الخبر.
وربما قال بعضهم: ان لا زائدة والمعنى: اتقوا فتنة تصيبن الآية.
وربما ذكر آخرون: (ان أصل لا تصيبن) (لتصيبن) أشبعت فتحة اللام حتى تولدت الألف، وإشباع الفتحة ليس بعزيز في الشعر قال:
فأنت من الغوائل حين ترمى ومن ذم الرجال بمنتزاح يريد: بمنتزح، والوجهان بعيدان لا يحمل على مثلهما كلامه تعالى.
ومال المعنى على هذا الوجه أي على قراءة الأولى (لا تصيبن) أيضا إلى ما تفيده القراءة الأولى (لتصيبن) كما عرفت.
والآية - كما عرفت - تتضمن خطابا اجتماعيا متوجها إلى مجموع الأمة وذلك يؤيد كون الخطاب في الآية السابقة: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) خطابا اجتماعيا متوجها إلى كافة المؤمنين، ويتفرع عليه ان المرا بالدعوة إلى ما يحييهم الدعوة إلى الاتفاق على الاعتصام بحبل الله وإقامة الدين وعدم التفرق فيه كما قال: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران: 103 وقال: (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) الشورى: 13 وقوله: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) الانعام: 153.
وبهذا يتأيد بعض الوجوه المذكورة سابقا في قوله: (إذا دعاكم لما يحييكم) وكذا في قوله: (ان الله يحول بين المرء وقلبه) وتختص الآية به بحسب السياق وإن كانت تفيد معنى أوسع من ذلك باعتبار اخذها في نفسها مفردة عن السياق، والباحث الناقد لا يعوز عليه تمييز ذلك والله الهادي.
قوله تعالى: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس) إلى آخر الآية. الاستضعاف عد الشئ ضعيفا بتوهين امره، والتخطف والخطف والاختطاف أخذ الشئ بسرعة انتزاع، والايواء جعل الانسان ذا مأوى ومسكن يرجع إليه ويأوى، والتأييد من الأيد وهو القوة.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست