تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٤١
ثم وصفهم ثالثا بقوله: (ولا يدينون دين الحق) أي لا يأخذونه دينا وسنة حيوية لأنفسهم.
وإضافة الدين إلى الحق ليست من إضافة الموصوف إلى صفته على أن يكون المراد الدين الذي هو حق بل من الإضافة الحقيقة، والمراد به الدين الذي هو منسوب إلى الحق لكون الحق هو الذي يقتضيه للانسان ويبعثه إليه، وكون هذا الدين يهدى إلى الحق ويصل متبعيه إليه فهو من قبيل قولنا طريق الحق وطريق الضلال بمعنى الطريق الذي هو للحق والطريق الذي هو للضلال أي ان غايته الحق أو غايته الضلال.
وذلك أن المستفاد من مثل قوله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) الروم: 30، وقوله:
(إن الدين عند الله الاسلام) آل عمران: 19، وسائر ما يجرى هذا المجرى من الآيات أن لهذا الدين أصلا في الكون والخلقة والواقع الحق، يدعو إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويندب الناس إلى الاسلام والخضوع له ويسمى اتخاذه سنة في الحياة إسلاما لله تعالى فهو يدعو إلى ما لا مناص للانسان عن استجابته والتسليم له وهو الخضوع للسنة العملية الاعتبارية التي يهدى إليها السنة الكونية الحقيقية، وبعبارة أخرى التسليم لإرادة الله التشريعية المنبعثة عن إرادته التكوينية.
وبالجملة للحق الذي هو الواقع الثابت دين وسنة ينبعث منه كما أن للضلال والغى دينا يدعو إليه، والأول اتباع للحق كما أن الثاني اتباع للهوى، قال تعالى:
(ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض).
والاسلام دين الحق بمعنى انه ستة التكوين والطريقة التي تنطبق عليها الخلقة وتدعو إليها الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم.
فتلخص مما تقدم أولا: أن المراد بعدم إيمان أهل الكتاب بالله واليوم الآخر عدم تلبسهم بالايمان المقبول عند الله، وبعدم تحريمهم ما حرم الله ورسوله عدم مبالاتهم في التظاهر باقتراف المناهى التي يفسد التظاهر بها المجتمع البشرى ويخيب بها سعى الحكومة الحقة لجارية فيه، وبعدم تدينهم بدين الحق عدم استنانهم بسنة الحق المنطبقة على الخلقة والمنطبقة عليها الخلقة والكون.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست