تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٣٠
فقال له المتوكل: من تعنى ويحك؟ فقال: ابن الرضا. فقال له: وهو يحسن من هذا شيئا؟ فقال: إن أخرجك من هذا فلى عليك كذا وكذا وإلا فاضربني مائة مقرعة فقال المتوكل: رضيت، يا جعفر بن محمود إذهب إلى أبى الحسن على بن محمد فاسأله عن حد المال الكثير، فسأله فقال له: الكثير ثمانون.
فقال له جعفر بن محمود: يا سيدي إنه يسألني عن العلة فيه فقال له أبو الحسن عليه السلام: إن الله عز وجل يقول: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) فعددنا تلك المواطن فكان ثمانين.
أقول: ورواه القمي أيضا في تفسيره وبعض أصحابه الذي ذكر في الرواية أنه سماه هو محمد بن عمرو على ما ذكره في التفسير. ومعنى الرواية أن الثمانين من مصاديق الكثير بدلالة من الكتاب لا أن الكثير معناه الثمانون وهو ظاهر.
وفي المجمع ذكر أهل التفسير وأصحاب السير أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة خرج منها متوجها إلى حنين لقتال هوازن وثقيف في آخر شهر رمضان أو في شوال في سنة ثمان من الهجرة، وقد اجتمع رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النصرى، وساقوا معهم أموالهم ونساءهم وذراريهم ونزلوا بأوطاس.
قال: وكان دريد بن الصمة في القوم، وكان رئيس جشم، وكان شيخا كبيرا قد ذهب بصره من الكبر فقال: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس. قال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، ولا سهل دهس، ما لي أسمع رغاء البعير ونهيق الحمير وخوار البقر وثغاء الشاة وبكاء الصبيان؟ فقالوا: إن مالك بن عوف ساق مع الناس أبناءهم وأموالهم ونساءهم ليقاتل كل منهم عن أهله وماله فقال دريد: راعى ضأن ورب الكعبة.
ثم قال: ائتوني بمالك فلما جاءه قال: يا مالك إنك أصبحت رئيس قومك، وهذا يوم له ما بعده، رد قومك إلى عليا بلادهم، والق الرجال على متون الخيل فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه وفرسه فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك وعيالك، فقال له مالك: إنك قد كبرت وذهب علمك وعقلك.
وعقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لواءه الأكبر ودفعه إلى على بن أبي طالب عليه السلام، وكل من دخل مكة براية أمره ان يحملها، وخرج بعد أن أقام بمكة خمسة عشر يوما، وبعث إلى صفوان بن أمية فاستعار منه مائة درع فقال صفوان: عارية أم غصب؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست