تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٤٤
قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه؟ وإن كان ظاهر سياق الآية التالية: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم) الآية يؤيد الثاني على ما سيأتي.
وقد ذكر بعض المفسرين: ان هذا القول منهم: (عزير ابن الله) كلمة تكلم بها بعض اليهود ممن في عصره صلى الله عليه وآله وسلم لا جميع اليهود فنسب إلى الجميع كما أن قولهم:
(إن الله فقير ونحن أغنياء) وكذا قولهم: (يد الله مغلولة) مما قاله بعض يهود المدينة ممن عاصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنسب في كلامه تعالى إلى جميعهم لان البعض منهم راضون بما عمله البعض الاخر، والجميع ذو رأى متوافق الاجزاء وروية متشابهة التأثير.
وقوله: (وقالت النصارى المسيح ابن الله) كلمة قالتها النصارى، وقد تقدم الكلام فيها وفي ما يتعلق بها في قصة المسيح عليه السلام من سورة آل عمران في الجزء الثالث من الكتاب.
وقوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل) تنبئ الآية عن أن القول بالبنوة منهم مضاهاة ومشاكلة لقول من تقدمهم من الأمم الكافرة وهم الوثنيون عبدة الأصنام فإن من آلهتهم من هو إله أب إله ومن هو إله ابن إله، ومن هي إلهة أم إله أو زوجة إله، وكذا القول بالثالوث مما كان دائرا بين الوثنيين من الهند والصين ومصر القديم وغيرهم وقد مر نبذة من ذلك فيما تقدم من الكلام في قصة المسيح في ثالث اجزاء هذا الكتاب.
وتقدم هناك ان تسرب العقائد الوثنية في دين النصارى ومثلهم اليهود من الحقائق التي كشف عنها القرآن الكريم في هذه الآية: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل).
وقد اعتنى جمع (1) من محققي هذا العصر بتطبيق ما تضمنته كتب القوم أعني العهدين: العتيق والجديد على ما حصل من مذاهب البوذيين والبرهمائيين فوجدوا معارف العهدين منطبقة على ذلك حذو النعل بالنعل حتى كثيرا من القصص والحكايات الموجودة في الأناجيل فلم يبق ذلك ريبا لأي باحث في أصالة قوله تعالى: (يضاهئون) الآية في هذا الباب.
ثم دعا عليهم بقوله: (قاتلهم الله أنى يؤفكون) وختم به الآية.

(1) ح. philadelphia 1908. V 2. J. Budhist and Christian Gospels Edmuds A
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست