تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٦
بالتفسير الظاهري المتوافق مع ظاهر اللفظ. وأما التأويل فهي الجهة العامة المقصودة من الآية، حيث خصوصية المورد لا توجب تخصيصا في عموم اللفظ، فكان عليه السلام قد بين مواضع استفادة العموم من أحكام الآيات التي تجري كما تجري الشمس والقمر.
قال الإمام الباقر عليه السلام: بطن القرآن تأويله، منه ما قد مضى ومنه ما لم يجئ، يجري كما تجري الشمس والقمر، كلما جاء تأويل شئ يكون على الأموات كما يكون على الاحياء. (وقال:) ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شئ، ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض. ولكل قوم آية يتلوتها هم منها من خير أو شر.
وقال الإمام الصادق عليه السلام: نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة (1).
هذه هي عمدة مهنة المفسر الخبير يستخرج عمومات الاحكام الجارية من مواردها الخاصة التي نزل بها القرآن الكريم، فيعلم بطن القرآن من ظهره وتأويله من تفسيره.
الامر المستصعب الذي لا يقوم به سوى المضطلعين بأسرار كلامه تعالى، وهم الأئمة من أهل البيت الذين هم أدرى بما في البيت. قال تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " (2). قال الصادق عليه السلام: إن الله علم نبيه التنزيل والتأويل فعلمه رسول الله عليا. قال علي عليه السلام: ما نزلت آية إلا وأنا علمت فيمن أنزلت وأين أنزلت وعلى من أنزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا (3).
نعم لا يهتدي إلى ذلك سوى أولئك الذين هداهم الله إلى منابع فيضه وأبواب رحمته ممن تمسكوا بعرى أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وهم الاخصاء من شيعتهم ومواليهم. قال الصادق عليه السلام: إنا أهل بيت لم يزل الله يبعث منا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره. (وقال:) نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله.
وهذا هو المعنى بقوله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي

(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست