تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٥١٩
أنتم سكارى " (1) فقل من يشربها، ثم دعا عتبان بن مالك سعد بن أبي وقاص في نفر، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا، فأنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار فضربه أنصاري بلحى بعير فشجه فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عمر:
اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت " إنما الخمر والميسر " إلى قوله: " فهل أنتم منتهون " (2) فقال عمر: انتهينا يا رب (3).
وهذا النقل منه يدل على عدم حرمة الخمر في أول الاسلام، وعدم انتهاء عمر عن الخمر قبل نزول " إنما الخمر " إلى آخره.
والصحيح أن الخمر كان حراما، وهذا أول آية نزلت في التحريم.
روي في الكافي: عن بعض أصحابنا مرسلا قال: إن أول ما نزل في تحريم الخمر قول الله عز وجل: " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " فلما نزلت الآية أحس القوم بتحريم الخمر وتحريم الميسر وعلموا أن الاثم مما ينبغي اجتنابه ولا يحمل الله عز وجل عليهم من كل طريق، لأنه قال: " ومنافع للناس " ثم أنزل عز وجل آية أخرى (4) الحديث.
ويدل عليه أيضا الأخبار السابقة.
وقوله قل فيهما إثم كبير: من حيث أنه يؤدي إلى الانتكاب عن المأمور به وارتكاب المنهي عنه. ومنافع للناس: من كسب المال والطرب والالتذاذ ومصادقة الفتيان.
وإثمهما أكبر من نفعهما: أي المفاسد التي تنشأ منهما أعظم من المنافع المتوقعة منهما، والمفسدة إذا ترجحت على المصلحة اقتضت تحريم الفعل.
وفي أصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال:

(١) سورة النساء: الآية ٤٣.
(٢) سورة المائدة: الآية ٩٤ - ٩٥.
(٣) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج ١، ص ١١٦، في تفسير الآية ٢٢٠.
(٤) الكافي: ج ٦، ص 406، كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر في الكتاب، قطعة من حديث 2 والحديث طويل.
(٥١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 ... » »»
الفهرست