تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
الأول: أن يبدو له رأي غير الرأي الأول، لمفسدة في الرأي الأول، أو لمحمدة في الرأي الثاني لم يعلم به سابقا. وهو بهذا المعنى منفي عنه تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وهو المراد في الخبر الأول.
والثاني: أن يكون في علمه السابق أن الصلاح في وقت معين في الفعل الفلاني، وإذا جاز ذلك الوقت فالمصلحة في الشئ الفلاني، وكان في علمه السابق تغيير ذلك الشئ إذا جاء وقته. أو كان مقررا في علمه السابق أن زيدا إن لم يعمل بالخيرات مات في وقت كذا، وإن عمل مات في وقت بعده مع علمه بوقوع أحدهما، لكن كان ذلك العلم مخزونا عنده لا يبديه لاحد من ملائكته وأنبيائه وأئمته.
والبداء إنما يكون بهذا المعنى، فالبداء في الحقيقة في علم الملك أو النبي أو الامام، بمعنى الظهور لأحدهم غير ما ظهر لهم أولا، لا في علمه تعالى بذلك المعنى، وهو المراد حيث أثبت له البداء، تعالى الله عما يقول الظالمون.
ويؤيد هذا المعنى ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال:
سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله. فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويثبت ما يشاء (1).
وأيضا قد روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن لله علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه، فنحن نعلمه (2).
* * *

(١) الكافي: ج ١، ص ١٤٧، كتاب التوحيد، باب البداء، ح ٦.
(٢) الكافي: ج ١، ص 147، كتاب التوحيد، باب البداء، ح 8.
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست