الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ١١٤
إن هؤلاء لشرذمة قليلون. وإنهم لنا لغائطون. وإنا لجميع حذرون. فأخرجناهم من جنات وعيون. وكنوز ومقام كريم.
____________________
وجنوده آثارهم، والمعنى: أنى بنيت تدبير أمركم وأمرهم على أن تتقدموا ويتبعوا حتى يدخلوا مدخلكم ويسلكوا مسلككم من طريق البحر فأطبقه عليهم فأهلكهم. وروى أنه مات في تلك الليلة في كل بيت من بيوتهم ولد، فاشتغلوا بموتاهم حتى خرج موسى بقومه. وروى أن الله أوحى إلى موسى أن أجمع بني إسرائيل كل أربعة أبيات في بيت ثم اذبحوا الجداء واضربوا بدمائها على أبوابكم، فإني سآمر الملائكة أن لا يدخلوا بيتا على بابه دم وسآمرهم بقتل أبكار القبط، وأخبزوا خبزا فطيرا فإنه أسرع لكم، ثم أسر بعبادي حتى تنتهي إلى البحر فيأتيك أمري، فأرسل فرعون في أثره ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسور مع كل ملك ألف، وخرج فرعون في جمع عظيم وكانت مقدمته سبعمائة ألف كل رجل على حصان وعلى رأس بيضة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما:
خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، فلذلك استقل قوم موسى عليه السلام وكانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا وسماهم شرذمة قليلين (إن هؤلاء) محكى بعد قول مضمر. والشر ذمة الطائفة القليلة، ومنها قولهم ثوب شراذم للذي بلى وتقطع قطعا ذكرهم بالاسم الدال على القلة ثم جعلهم قليلا بالوصف ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلا، واختار جمع السلامة الذي هو للقلة وقد يجمع القليل على أقلة وقلل. ويجوز أن يريد بالقلة الذلة والقماءة ولا يريد قلة العدد، والمعنى: أنهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا يتوقع غلبتهم وعلوهم، ولكنهم يفعلون أفعالا تغيظنا وتضيق صدورنا ونحن قوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور، فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى حسم فساده، وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به ما يكسر من قهره وسلطانه.
وقرئ حذرون وحاذرون وحادرون بالدال غير المعجمة، فالحذر اليقظ، والحاذر الذي يجدد حذره، وقيل المؤدى في السلاح وإنما يفعل ذلك حذرا واحتياطا لنفسه والحادر السمين القوى، قال:
أحب الصبى السوء من أجل أمه * وأبغضه من بغضها وهو حادر أراد أنهم أقوياء أشداء، وقيل مدججون في السلاح قد كسبهم ذلك حدارة في أجسامهم. وعن مجاهد:
(١١٤)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»