الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٥٤
إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين. قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين. قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا
____________________
لان الترخيم لا يكون إلا في المضموم. فإن قلت: كيف قالوا (هل يستطيع ربك) بعد إيمانهم وإخلاصهم؟
قلت: ما وصفهم الله بالايمان والاخلاص وإنما حكى ادعاءهم لهما ثم أتبعه قوله إذ قالوا فآذن أن دعواهم كانت باطلة وأنهم كانوا شاكين، وقوله (هل يستطيع ربك) كلام لا يرد مثله عن مؤمنين معظمين لربهم، وكذلك قول عيسى عليه السلام لهم معناه: اتقوا الله ولا تشكوا في اقتداره واستطاعته ولا تقترحوا عليه ولا تتحكموا ما تشتهون من الآيات فتهلكوا إذا عصيتموه بعدها (إن كنتم مؤمنين) إن كانت دعواكم للايمان صحيحة. وقرئ هل تستطيع ربك: أي هل تستطيع سؤال ربك، والمعنى: هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عن سؤاله.
والمائدة: الخوان إذا كان عليه الطعام، وهي من مادة إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدم إليه (ونكون عليها من الشاهدين) نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بني إسرائيل أو نكون من الشاهدين لله بالوحدانية ولك بالنبوة عاكفين عليها على أن عليها في موضع الحال، وكانت دعواهم لإرادة ما ذكروا كدعواهم الايمان والاخلاص، وإنما سأل عيسى وأجيب ليلزموا الحجة بكمالها ويرسل عليهم العذاب إذا خالفوا. وقرئ: ويعلم بالياء على البناء للمفعول وتعلم وتكون بالتاء والضمير للقلوب (اللهم) أصله يا الله فحذف حرف النداء وعوضت منه الميم، و (ربنا)
(٦٥٤)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 » »»