الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٤٣
واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين. ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين. يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم.
____________________
اختصاص للصلاة من بين الذكر كأنه قيل وعن الصلاة خصوصا (واحذروا) وكونوا حذرين خاشين، لانهم إذا حذروا دعاهم الحذر إلى اتقاء كل سيئة وعمل كل حسنة، ويجوز أن يراد واحذروا ما عليكم في الخمر والميسر أو في ترك طاعة الله والرسول (فان توليتم فاعلموا) أنكم لم تضروا بتوليكم الرسول لان الرسول ما كلف إلا البلاغ المبين بالآيات، وإنما ضررتم أنفسكم حين أعرضتم عما كلفتم. رفع الجناح عن المؤمنين في أي شئ طعموه من مستلذات المطاعم ومشتهياتها (إذا ما اتقوا) ما حرم عليهم منها (وآمنوا) وثبتوا على الايمان والعمل الصالح وازدادوه (ثم اتقوا وآمنوا) ثم ثبتوا على التقوى والايمان (ثم اتقوا وأحسنوا) ثم ثبتوا على اتقاء المعاصي وأحسنوا أعمالهم، أو أحسنوا إلى الناس واسوهم بما رزقهم الله من الطيبات. وقيل لما نزل تحريم الخمر قالت الصحابة:
يا رسول الله فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأكلون مال الميسر؟ فنزلت، يعني إن المؤمنين لا جناح عليهم في أي شئ طعموه من المباحات إذا ما اتقوا المحارم ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا، على معنى أن أولئك كانوا على هذه الصفة ثناء عليهم وحمدا لأحوالهم في الايمان والتقوى والاحسان، ومثاله أن يقال لك: هل على زيد فيما فعل جناح؟ فتقول وقد علمت أن ذلك أمر مباح: ليس على أحد جناح في المباح إذا اتقى المحارم وكان مؤمنا محسنا، تريد أن زيدا تقي مؤمن محسن وأنه غير مؤاخذ بما فعل. نزلت عام الحديبية ابتلاهم الله بالصيد وهم محرمون وكثر عندهم حتى كان يغشاهم في رحالهم فيستمكنون من صيده أخذا بأيديهم وطعنا برماحهم (ليعلم الله من يخافه بالغيب) ليتميز من يخاف عقاب الله وهو غائب منتظر في الآخرة فيتقي الصيد ممن لا يخافه فيقدم عليه (فمن اعتدى) فصاد (بعد ذلك) الابتلاء فالوعيد لاحق به. فإن قلت: ما معنى التقليل والتصغير
(٦٤٣)
مفاتيح البحث: الصيد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 638 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 ... » »»