الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٥١
ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين. فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم
____________________
من نقسم له قريبا منا على معنى أن هذه عادتهم في صدقهم وأمانتهم أبدا وأنهم داخلون تحت قوله تعالى - كونوا قوامين بالقسط شهداء لله على أنفسكم أو الوالدين والأقربين - (شهادة الله) أي الشهادة التي أمر الله بحفظها وتعظيمها. وعن الشعبي أنه وقف على شهادة ثم ابتدأ آ لله بالمد على طرح حرف القسم وتعويض حرف الاستفهام منه، وروي عنه بغير مد على ما ذكر سيبويه أن منهم من يحذف حرف القسم ولا يعوض منه همزة الاستفهام فيقول الله لقد كان كذا، وقرئ لملاثمين بحذف الهمزة وطرح حركتها على اللام وادغام نون من فيها كقوله عاد لولي. فإن قلت: ما موقع تحبسونهما؟ قلت: هو استئناف كلام كأنه قيل بعد اشتراط العدالة فيهما فكيف نعمل إن ارتبنا بهما؟ فقيل تحبسونهما؟ قلت: كيف فسرت الصلاة بصلاة العصر وهي مطلقة؟ قلت: لما كانت معروفة عندهم بالتحليف بعدها: أعني ذلك عن التقييد كما لو قلت في بعض أئمة الفقه إذا صلى أخذ في الدرس علم أنها صلاة الفجر، ويجوز أن تكون اللام للجنس وأن يقصد التحليف على أثر الصلاة أن تكون الصلاة لطفا في النطق بالصدق وناهية عن الكذب والزور - إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر - (فإن عثر) فإن اطلع (على أنهما استحقا إثما) أي فعلا ما أوجب إثما واستوجبا أن يقال إنهما لمن الآثمين (فآخران) فشاهدان آخران (يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم) أي من الذين استحق عليهم الاثم، ومعناه: من الذين جنى عليهم وهم أهل الميت وعشيرته. وفي قصة بديل أنه لما ظهرت خيانة الرجلين حلف رجلان من ورثته أنه إناء صاحبهما وإن شهادتهما أحق من شهادتهما، و (الأوليان) الاحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وارتفاعهما على هما الأوليان كأنه قيل: ومن هما؟ فقيل الأوليان. وقيل هما بدل من الضمير في يقومان أو من آخران. ويجوز أن يرتفعا باستحق: أي من الذين استحق عليهم انتداب الأولين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال. وقرئ الأولين على أنه وصف للذين استحق عليهم مجرور أو منصوب على المدح، ومعنى الأولية التقدم على الأجانب في الشهادة لكونهم أحق بها، وقرئ الأولين على التثنية وانتصابه على المدح، وقرأ الحسن الأولان ويحتج به من يرى رد اليمين على المدعي، وأبو حنيفة وأصحابه لا يرون ذلك فوجهه عندهم أن الورثة قد ادعوا على النصرايين أنهما قد اختانا فحلفا، فلما ظهر كذبهما ادعيا الشراء فيما كتما فأنكر الورثة فكانت اليمين على الورثة لانكارهم الشراء. فإن قلت: فما وجه قراءة من قرأ (استحق عليهم الأوليان) على البناء للفاعل وهم علي وأبي وابن عباس؟
قلت: معناه من الورثة الذين استحق عليهم الأوليان من بينهم بالشهادة أن يجردوهما للقيام بالشهادة ويظهروا بهما كذب الكاذبين (ذلك) الذي تقدم من بيان الحكم (أدنى) أن يأتي الشهداء على نحو تلك الحادثة (بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان) أن تكرر أيمان شهود آخرين بعد أيمانهم فيفتضحوا بظهور كذبهم كما جرى
(٦٥١)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 646 647 648 649 650 651 652 653 654 655 656 ... » »»