التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٨
واختلفوا فيمن القائل هذا القول، فقال الجبائي: ان القائل له ملك قال ذلك بأمر الله. وقال (غيره) ان ذلك كلام من الله قاله له على وجه الإهانة والتوبيخ وكان ذلك معجزة لموسى عليه السلام ومعنى الآية حكاية ما قبل لفرعون حين قال " آمنت أنه لا اله لا الذي آمنت به بنوا إسرائيل " بأنك تقول هذا في هذه الساعة " وقد عصيت قبل " هذا " وكنت من المفسدين " في الأرض بقتل المؤمنين وادعاء الإلهية، وغير ذلك من أنواع الكفر!.
قوله تعالى:
فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون (92) آية.
قرأ يعقوب وقتيبة " ننجيك " بالتخفيف. الباقون بالتشديد.
معنى قوله " ننجيك ببدنك " نلقيك على نجوة من الأرض ببدنك عريانا دون روحك قال أوس بن حجر:
فمن بنجوته كمن بعقوبة * والمستكن كما يمشي بقرواح (1) القرواح حيث لا ماء ولا مطر، والبدن مستكن روح الحيوان على صورته وكل حيوان له روح وبدن، والحي في الحقيقة الروح دون البدن عند قوم، وفيه خلاف.
ومعنى قوله " لتكون لمن خلفك آية " قيل فيه قولان.
أحدهما - لمن يأتي بعدك ممن يراك على تلك الصفة وقد كنت تدعي الربوبية.
الثاني - ان بني إسرائيل قالوا: ما مات فرعون، فألقاه الله تعالى على نجوة من الأرض ليروه، ذهب إليه ابن عباس وقتادة. وقوله " وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون " اخبار منه تعالى أن كثيرا من الخلق غافلون عن الفكر في

(1) مر هذا البيت في 1 / 218 و 3 / 326 منسوب إلى عبيد بن الأبرص
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست