التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٣٠
قوله تعالى:
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (94) آية هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله يقول له " إن كنت في شك مما " أي من الذي " أنزلنا إليك " والشك هو توقف النفس فيما يخطر بالبال عن اعتقاده على ما هو به، وعلى ما ليس به. وقيل: إن هذا وإن كان خطابا للنبي صلى الله عليه وآله فان المراد به الذين كانوا شاكين في نبوته. وقال قوم: إن معناه فان كنت أيها السامع في شك مما أنزلنا على نبينا إليك، ومثله قول القائل لعبده: إن كنت مملوكي فانتبه إلى أمري. وقوله الرجل لابنه: ان كنت ابني فبرني. وقوله " إن كنت والدي فتعطف علي. وحكى الزجاج وجها ثالثا وهو أن يكون معنى (إن) معنى (ما) والتقدير: ما كنت في شك مما أنزلنا إليك " فاسأل الذين " أي لسنا نريد بأمرك لأنك شاك لكن لتزداد بصيرة، كما قال لإبراهيم " أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " (1) وقوله " فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " قيل: إنما أمره بأن يسأل أهل الكتاب مع جحد أكثرهم لنبوته لامرين:
أحدهما - أن يكون امره بأن يسأل من آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار وابن صوريا، ذهب إليه ابن عباس ومجاهد وابن زيد والضحاك.
والثاني - سلهم عن صفة النبي صلى الله عليه وآله المبشر به في كتبهم ثم انظر فمن وافق فيه تلك الصفة. وقال البلخي ذلك راجع إلى قوله " فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم " فأمره بأن يسألهم هل الامر على ذلك؟ فإنهم لا يمتنعون عن الاخبار به ولم

(1) سورة 2 البقرة آية 260
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست