التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٣٣
قوله تعالى:
فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين (98) آية معنى (فلولا) هلا، وهي تستعمل على وجهين: أحدهما - على وجه التحضيض والثاني - على وجه التأنيب كقولك: هلا يأتي زيد بحاجتك، وهلا امتنعت من الفساد الذي رغبت إليه. قال الشاعر:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم * بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا (1) أي هلا تعدون الشجعان.
وقوله " الا قوم يونس " نصب لأنه منقطع كما قال الشاعر:
أعيت جوابا وما بالربع من أحد * إلا الاواري لاياما أبينها والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (2) وحكى الفراء: لا إن ما أبينهما وقال: جمع الشاعر بين ثلاثة أحرف في النفي (لا وان وما) وإنما جاز فلولا كانت قرية آمنت لان المراد أهل قرية فحذف اختصارا من غير اخلال بالمعنى. وقوله " فنفعها ايمانها " معناه هلا كانت أهل قرية آمنت في وقت ينفعها الايمان، وجرى هذا مجرى قول فرعون " حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت انه لا اله الا الذي " (3) فاعلم الله أن الايمان لا ينفع عند نزول العذاب ولا عند حضور الموت، وقوم يونس لم يقع بهم العذاب كأنهم لما رأوا الآية الدالة على العذاب آمنوا فلما آمنوا كشف عنهم العذاب. والنفع هو

(1) انظر 1 / 319، 435 (2) مر هذا الشعر في 1 / 44، 151 و 3 / 327 و 4 / 191 (3) سورة 10 يونس آية 90
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست