التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٣
اي لئلا يقولوا. ولا يجوز أن يكون لام الغرض، لان الله تعالى لا يفعل بهم الزينة ويعطيهم ويريد منهم ان يضلوا بل إنما يفعل لينتفعوا ويطيعوه ويشكروه. وقال قوم: لو كان أراد منهم الضلال لكانوا إذا ضلوا مطيعين، لان الطاعة هي موافقة الإرادة وذلك باطل بالاتفاق. وقوله " ربنا اطمس على أموالهم " إخبار عن موسى انه دعا على قومه فسأل الله ان يطمس على أموالهم. والطمس محو الأثر تقول: طمست عينه اطمسها طمسا وطموسا وطمست الريح آثار الديار. فدعا موسى عليه السلام عليهم بأن يقلب حالهم عن الانتفاع بها كقوله " من قبل ان نطمس وجوها " (1) والطمس تغير إلى الدبور والدروس قال كعب بن زهير:
من كل نضاخة الذفرى إذا عرفت * عرصتها طامس الاعلام مجهول (2) وقال قتادة والضحاك وابن زيد وأبو صالح: صارت أموالهم حجارة.
وقوله " واشدد على قلوبهم " معناه ثبتهم على المقام ببلدهم بعد إهلاك أموالهم فيكون ذلك أشد عليهم. وقوله " فلا يؤمنوا " يحتمل موضعه وجهين من الاعراب:
أحدهما - النصب على جواب صيغة الامر بالفاء أو بالعطف على " ليضلوا " وتقريره لئلا يضلوا فلا يؤمنوا. والثاني - الجزم بالدعاء عليهم، كما قال الأعشى.
فلا ينبسط من بين عينك ما انزوى * ولا تلقني إلا وانفك راغم (3) وقال الفراء: ذلك دعاء عليهم بأن لا يؤمنوا. وحكى الجبائي عن قوم ان المراد بذلك الاستفهام والانكار كأنه قال: إنك لا تفعل ذلك ليضلوا عن سبيلك.
وقال أحمد بن يحيى ثعلب: هذه لام الإضافة، والمعنى لضلالتهم عن سبيلك " اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ". وحكى البلخي: انه يجوز أن يكون ذلك على التقديم والتأخير وتقديره ربنا ليضلوا عن سبيلك فلا يؤمنوا ربنا اطمس على أموالهم وقيل إن قوله " فلا يؤمنوا " خرج مخرج الجواب للامر ومعناه

(١) سورة ٤ النساء آية ٤٦ (٢) انظر ١ / ٢٢٦ تعليقة ١ و ٣ / ٢١٦ (٣) ديوان الأعشى والأعشيين ٥٨ وتفسير القرطبي ٨ / 275
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»
الفهرست