التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٤١
رشدا " (3) وقال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد، مثل الحزن والحزن، والسقم والسقم، والرشد سلوك طريق الحق تقول: رشد يرشد رشدا، ورشد يرشد رشدا، وأرشده ارشادا، واسترشد استرشادا، وضده الغي: غوي يغوى غيا وغواية، وأغواه إغواء، واستغواه استغواء.
وقال الجبائي والرماني: معنا " سأصرف عن آياتي " أي سأصرف عن آياتي من العز والكرامة بالدلالة التي كسبت الرفعة في الدنيا والآخرة، ويجوز أن يكون معناه أي احكم عليهم بالانصراف واسميهم بأنهم منصرفون عنها، لأنهم قد انصرفوا عنها، كما قال " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم " (4).
ويحتمل أن يكون المراد اني سأصرفهم عن التوراة والقرآن، وما أوحى الله من كتبه بمعنى أمنعهم من إفساده وتغييره وإبطاله، لأنه قال في أو - ل الآية " وكتبنا له في الألواح " إلى قوله تعالى " سأصرف عن آياتي " ويجوز أن يكون المراد " سأريهم آياتي " فينصرفون عنها وهم الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، كما يقول القائل: سأحير فلانا أي اسأله عن شئ فيتحير عند مسألتي، وسأنجل فلانا أي أسأله ما ينجل عنده، وكذلك يقال: سأقطع فلانا بكلامي، والمراد انه سينقطع عند كلامي، وكل ذلك واضح بحمد الله.
ويجوز أن يكون المراد انهم لما عاندوا وتمردوا بعد لزوم الحجة عليهم وحضروا للتلبيس والشغب على ما حكاه الله عنهم انهم قالوا " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه " (5) صرفهم الله بلطفه عن الحضور كما كانوا يحضرونه، ويحتمل أن يكون المراد سأصرف عن جزاء آياتي.
ومن زعم أنه بمعنى سأصرف عن الايمان بآياتي فقد أخطأ، لأنه تعالى لا يأمر بالايمان ثم يمنع منه، لان حكمته تمنع من ذلك.
والصرف نقل الشئ إلى خلاف جهته، يقال: صرفه يصرفه صرفا،

(3) سورة 18 الكهف آية 67.
(4) سورة 9 التوبة آية 128.
(5) سورة 41 حم السجدة آية 26.
(٥٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 ... » »»
الفهرست