التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٤٠
ولو أخذه بضعف نية لاداه إلى فتور العمل به.
وقوله " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " معناه يأخذوا بأحسن المحاسن، وهي الفرائض والنوافل، وأدونها في الحسن المباح، لأنه لا يستحق عليه حمد ولا ثواب. وقال الجبائي: أحسنها الناسخ دون المنسوخ المنهي عنه، لان العمل بهذا المنسوخ قبيح. وقال الزجاج: يأخذوا بأحسنها معناه بما هو حسن دون ما هو قبيح، وهذا تأويل بعيد، لأنه لا يقال في الحسن أنه أحسن من القبيح. ويجوز أن يكون المراد بأحسنها حسنها، كما قال تعالى " وهو أهون عليه " (1) ومعناه؟؟. ويحتمل أن يكون أراد بأحسنها إلى ما دونه من الحسن، ألا ترى أن استيفاء الدين حسن وتركه أحسن، وأما القصاص في الجنايات فحسن والعفو أحسن ويكون ذلك على وجه الندب.
وقوله عز وجل " سأوريكم دار الفاسقين " قال الحسن ومجاهد والجبائي:
يعني به جهنم، والمراد به فليكن منكم على ذكر لتحذروا أن تكونوا منهم، وقال قتادة: هي منازلهم أي لتعتبروا بها وبما صاروا إليه من النكال فيها.
قوله تعالى:
سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين (145) آية بلا خلاف.
قرأ حمزة والكسائي وخلف " الرشد " بفتح الراء والشين. الباقون بضم الراء وسكون الشين. وفرق بينهما أبو عمرو بن العلاء، فقال: الرشد - بضم الراء - الصلاح، كقوله " فإن آنستم منهم رشدا " (2) أي صلاحا، لدفعه إليهم، والرشد الاستقامة في الدين، كقوله " على أن تعلمني مما علمت

(1) سورة 30 الروم آية 27.
(2) سورة 4 النساء آية 5.
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»
الفهرست