التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٣٠
موسى وهارون، وهما رجلان منكم، ومن إهلاك عدوكم بالتغريق في البحر، ونجاتكم. وكل ذلك بمرءى و؟؟ منكم. والفرق بين التعظيم والتفضيل أن التفضيل يدل على فضل في النفس، وهو زيادة على غيره، وليس كذلك التعظيم، ولذلك جاز وصف الله تعالى بالتعظيم ولم يجز بالتفضيل.
قوله تعالى:
وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم (140) آية.
قرأ ابن عامر (نجيناكم) على لفظ الماضي. الباقون " أنجيناكم " وقرأ نافع وحده " يقتلون " بالتخفيف. الباقون بالتشديد. من شدد أراد التكثير. ومن خفف، فلانه يحتمل القلة والكثرة.
وقد مضى تفسير مثل هذه الآية في سورة البقرة (1) فلا وجه المتطويل بتفسيرها، وإنما نذكر جملها، فنقول: هذا خطاب لبقية بني إسرائيل الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وآله فقال لهم على وجه الامتنان عليهم بما أنعم على آبائهم وأسلافهم واذكروا " إذ أنجيناكم " من آل فرعون بمعنى خلصناكم لان النجاة الخلاص مما يخاف إلى رفعة من الحال، وأصله الارتفاع، فمنه النجا أي الارتفاع في السير، ومنه قوله " ننجيك ببدنك " (2) أي نلقيك على نجوة من الأرض، والنجو كناية عن الحدث، لأنه كان يلقى بارتفاع من الأرض للابعاد به، وقد كان أيضا يطلب به الانخفاض للابعاد به.
والفرق بين (أنجيناكم) وبين (نجيناكم) أن ألف (أنجيناكم) للتعدية

(1) في تفسير آية 49 - 50 من سورة 2 البقرة، المجلد الأول ص 217 - 231.
(2) سورة 10 يونس آية 92.
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»
الفهرست