التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٢٦
وجدته ضعيفا بامتحاني إياه، كأنه قال طلبت حال ضعفه بمحنته، فوجدته ضعيفا. وقوله " باركنا فيها " يعني باخراج الزروع والثمار وسائر صنوف النبات والأشجار إلى غير ذلك من العيون والأنهار وضروب المنافع العباد.
وقيل " باركنا فيها " بالخصب الذي حصل فيها.
ومشارق الأرض ومغاربها يريد جهات المشرق بها والمغرب. وقال الحسن هي أرض الشام ومصر. وقال قتادة هي أرض الشام. وقال أبو علي: هي أرض مصر. وقال الزجاج: كان من بني إسرائيل داود وسليمان ملكا جميع الأرض.
وقوله " وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل " يعني صح كلامه بانجاز الوعد الذي تقدم باهلاك عدوهم، واستخلافهم في الأرض، وإنما كان الانجاز تمام للكلام لتمام النعمة به. وقيل كلمته الحسنى هي قوله تعالى " ونريد أن نمن على الذي استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ". وإنما قيل الحسنى، وإن كانت كلمات الله كلها حسنة، لأنه وعد بما يحبون.
وانتصب قوله تعالى " مشارق والأرض ومغاربها " لاحد أمرين:
أحدهما - بأنه مفعول (أورثنا) كقولك: أورثه المال.
الثاني - بأنه ظرف كأنه قال: أورثتهم الأرض التي باركنا فيها في مشارقها ومغاربها، والأول أظهر.
وقوله " ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه " معناه أهلكنا ما كان عمله فرعون وقومه مما كانوا يستعبدونهم ويسعون في افساد أمر موسى ويستعينون.
به في أمرهم " وما كانوا يعرشون " معناه ما كانوا يبنونه من الأبنية والقصور - في قول ابن عباس ومجاهد. وقال الحسن: هو تعريش الكرم. وقال أبو علي: تعريش الشجر والأبنية. وأصل التعريش الرفع، قال أبو عبيدة
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست