التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥٢٥
وقوله تعالى " بأنهم كذبوا بآياتنا " معناه إنا فعلنا بهم ذلك جزاء بما كذبوا من آيات الله وحججه وبراهينه الدالة على نبوة موسى وصدقه " وكانوا عنها غافلين " معناه أنهم أنزل عليهم العذاب وكانوا غافلين عن نزول ذلك بهم.
والغفلة حال تعتري النفس تنافى الفطنة واليقظة تقول: غفل يغفل غفولا، وغفلا وغفلة، وتغافل تغافلا وأغفل الامر إغفالا، واستغفله استغفالا، واغتفله اغتفالا وتغفل تغفلا، وغفله تغفيلا وهو مغفل.
فإن قيل كيف جاء الوعيد على الغفلة، وليست من فعل البشر؟!
قلنا عنه ثلاثة أجوبة: أحدها - أنهم تعرضوا لها حتى صاروا، لا يفطنون بها.
الثاني - أن الوعيد على الاعراض عن الآيات حتى صاروا كالغافلين عنها.
الثالث - أن المعنى وكانوا عن النعمة غافلين ودل عليه (انتقمنا).
قوله تعالى:
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (136).
آية في الكوفي والبصري، وفي المدنيين آيتان آخر الأولى " بني إسرائيل " قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم " يعرشون " بضم الراء. الباقون بكسرها، وهما لغتان فصيحتان: الكسر والضم، والكسر أفصح.
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه أورث الأرض مشارقها ومغاربها الذين استضعفوا في يدي فرعون وقومه. وإنما أورثهم بأن أهلك من كان فيها ومكن هؤلاء، وحكم بأن لهم أن يتصرفوا فيها على ما أباحه الله تعالى لهم.
والاستضعاف طلب الضعف بالاستطالة والقهر. وقد استعمل استضعفته بمعنى
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»
الفهرست