التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٥١٩
وموضع (إذا) نصب بأنها ظرف للقول، ولا يجوز أن يعمل فيها الفعل الذي يليها، لأنها مضافة إليه، ولو جازيت بها جاز عمله فيها، وقال الأزهري والزجاج: معنى " إنما طائرهم عند الله " شؤمهم الذي وعدوا به من العقاب عند الله يفعله بهم يوم القيامة، وقال ابن عباس معناه إن مصائبهم عند الله.
قوله تعالى:
وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين (131) آية بلا خلاف.
" مهما " أي شئ، وقال الخليل: أصلها (ما) إلا أنهم أدخلوا عليها (ما) كما يدخلونها على حروف الجزاء، فيقولون (ماما) و (متى ما) و (إذا ما) فغيروا ألفها بأن أبدلوها هاء، لئلا يتوهم التكرير وصار (ما) فيها مبالغة في معنى العموم، وقال غيره: أصلها (مه) بمعنى أكفف دخلت على (ما) التي للجزاء.
والفرق بين (ما) و (مهما) أن (مهما) خالصة للجزاء وفي (ما) اشتراك، لأنها قد تكون استفهاما تارة، وبمعنى الذي أخرى، وتارة بمعنى الجزاء، وإن كان الأصل في (مهما) (ما)، لان (ما) يجازى به من الأسماء ما قد لا يستعمل في الجزاء، والتركيب ظاهر فيها لفظا ومعنى.
وقوله تعالى " تأتنا " في موضع جزم، وعلامة الجزم فيه حذف الياء، وإنما حذف الحرف للجزم، لأنه من حروف المد واللين، وهي مجانسة لحركات الاعراب، ومن شأن الجازم أن يحذف ما يصادفه من الحركة، فإن لم يصادف حركة عمل في نفس الحرف، لئلا يتعطل عن العمل.
في هذه الآية إخبار من الله تعالى، وحكاية ما قال قوم فرعون لموسى (ع) بأنهم قالوا له: أي شئ تأتينا به من المعجزات وتسحرنا بها، فانا لا نصدقك عليه، ولا نؤمن بك. و (الآية) هي المعجزة الدالة على نبوته، وهو كل ما يعجز الخلق عن معارضته ومقاومته، كما لا يمكن مقاومة الشبهة للحجة،
(٥١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 ... » »»
الفهرست