التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٢٠
قول الحسن وقتادة ومجاهد - وقال أبو علي " تأويله " ما وعدوا به من البعث والنشور والحساب والعقاب.
وقوله " يقول الذين نسوه من قبل " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال مجاهد: أعرضوا عنه فصار كالمنسي.
الثاني - قال الزجاج: يقول الذين تركوا العمل به.
وقوله " قد جاءت رسل ربنا بالحق " إخبار عن اعتراف الكفار الذين أعرضوا عن حجج الله وبيناته والاقرار بتوحيده ونبوة أنبيائه، وإقرار منهم بأن ما جاءت به الرسل كان حقا. والحق ما شهد بصحته العقل، وضده الباطل، وهو ما يشهد بفساده العقل.
وقوله " فهل لنا من شفعاء فيشفعوا " والشفيع هو السائل لصاحبه اسقاط العقاب عن المشفع فيه، والعفو عن خطيئته فيتمنون ذلك مع يأسهم منه - في قول أبي علي - وقوله " فيشفعوا لنا " في موضع نصب، لأنه جواب التمني بالفاء " أو نرد " عطف بالرفع على تأويل هل يشفع لنا شافع " أو نرد " ولو نصب " أو نرد " كان جائزا. ومعناه فيشفعوا لنا إلا أن نرد، وما قرئ به.
وقوله " فنعمل غير الذي كنا نعمل " إخبار من الكفار وتمنيهم أن يردوا إلى الدنيا حتى يعملوا غير ما عملوه من الكفر والضلال. فأخبر الله تعالى عند ذلك، فقال " قد خسروا أنفسهم " أي أهلكوها بالكفر والمعاصي " وضل عنهم ما كانوا يفترون ".
وفى الآية دلالة على فساد مذهب المجبرة من وجهين:
أحدهما - أنهم كانوا قادرين على الايمان في الدنيا فلذلك طلبوا تلك الحال، ولو لم يكونوا قادرين لما طلبوا الرد إلى الدنيا والى مثل حالهم الأولى.
والاخر - بطلان مذهب المجبرة في تكليف أهل الآخرة، قال أبو علي:
وهو مذهب الحسين النجار وهو خلاف القرآن والاجماع، ولو كانوا
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست