التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٩
قوله تعالى:
الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون (44) آية بلا خلاف.
" الذين " في موضع جر، لأنه صفة للظالمين، والتقدير ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، وذلك يبين ان المراد بالظالمين الكفار، لان ما ذكرهم به من أوصاف الكفار.
والصد هو العدول عن الشئ عن قلى، والصد والاعراض بمعنى واحد، إلا أن الصد يجوز ان يتعدى تقول: صده عن الحق يصده صدا، وصد هو عنه أيضا، والاعراض لا يتعدى.
وقوله " عن سبيل الله " يعني الحق الذي دعا الله إليه ونصب عليه الأدلة وبعث به رسله. وقيل: هو دين الله. وقيل: الطريق الذي دل الله على أنه يؤدي إلى الجنة والمعنى متقارب.
وقوله " يبغونها عوجا " معنى يبغونها يطلبون لها العوج بالشبه التي يلبسون بها ويوهمون انها تقدح فيها، وانها معوجة عن الحق بتناقضها.
و (العوج) بالكسر يكون في الطريق وفي الدين، وبالفتح يكون في الخلقة كقولك: في ساقه عوج بفتح العين، قال الشاعر:
قفا نسأل منازل آل ليلى * على عوج إليها وانثناء (1) بكسر العين، ويحتمل نصب عوجا أمرين:
أحدهما - أن يكون مفعولا به كقولك يبغون لها العوج.
الثاني - أن يكون نصبا على المصدر، وكأنه قال: يطلبونها هذا الضرب من الطلب، كما تقول: رجع القهقرى أي هذا الضرب من الرجوع اي طلب الاعوجاج.

(1) اللسان (عوج) وتفسير الطبري 12 / 448.
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست