التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٢٢
أدل على كون فاعله عالما قديرا يصرفه على اختياره ويجريه على مشيئته.
وقال أبو علي: ذلك لاعتبار الملائكة بخلق شئ بعد شئ. وقال الرماني:
يجوز أن يكون الاعتبار بتصور الحال في الاخبار، ومعناه إذا أخبر الله تعالى بأنه " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " كان فيه لطف للمكلفين، وكان ذلك وجه حسنه.
وقوله " ثم استوى على العرش " قيل في معناه قولان:
أحدهما - أنه استولى كما قال البغيث:
ثم استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق (1) يريد بشر بن مروان.
الثاني - قال الحسن: استوى أمره. وقيل في معنى " ثم استوى " ثلاثة أقوال:
أحدها - قال أبو علي: ثم رفع العرش بأن استولى عليه ليرفع.
الثاني - ثم بين أنه مستوي على العرش.
الثالث - ثم صح الوصف بأنه مستوي على العرش، لأنه لم يكن عرشا قبل وجوده.
وقوله " يغشى الليل النهار " معناه يجلل الليل النهار أي يدخل عليه.
وقال الأزهري: أقبل عليه. والاغشاء هو إلباس الشئ ما رق بما يجلله، ومنه غاشية السرج، والغشاوة التي تخرج على الولد، وغشي على الرجل إذا غشيه ما يزيل عقله من عارض علة.
ومن شدد العين، فلانه يدل على الكثرة. وغشى فعل يتعدى إلى مفعول واحد، كقوله " وتغشى وجوههم النار " (2) فإذا نقلته بالهمزة أو التضعيف تعدى إلى مفعولين، وقد ورد القرآن بهما قال الله تعالى " فأغشيناهم فهم

(1) مر هذا البيت في 1 / 125 و 2 / 396، وسيأتي في 5 / 386.
(2) سورة 14 إبراهيم آية 50.
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»
الفهرست