التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٢٥
والاعتداء تجاوز حد الحق أي لا تتجاوز واحد الحق في الدعاء فتطلبوا منازل الأنبياء وما لا يجوز أن يعمل في الدنيا - في قول أبي مجلز - وقال ابن جريج يكره الصياح في الدعاء و " تضرعا وخفية " مصدر ان في موضع الحال، وتقديره ادعوا الله متضرعين في حال السر والعلانية. والخفية والاخفاء، والخيفة والخوف والرهبة نظائر. والهمزة في الاخفاء منقلبة عن الياء بدلالة الخفية والاخفاء، ضد الاعلان. ويقال أحفيت الشئ إذا أظهرته قال الشاعر:
يحفى التراب بأظلاف ثمانية (1) قوله تعالى:
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين (55) آية بلا خلاف.
نهى الله تعالى في هذه الآية عن الفساد في الأرض وهو الاضرار بما تمنع الحكمة منه يقال: أفسد الحر التفاحة إذا أخرجها إلى حال الضرر بالتغيير.
والاصلاح النفع بما تدعو إليه الحكمة ولذلك لم تكن الآلام في النار إصلاحا لأهلها، لأنه لا نفع لهم فيها. وقال الحسن: إفساد الأرض بالقتل للمؤمنين والاعتداء عليهم. وقيل: إفساد الأرض العمل فيها بمعاصي الله، وإصلاحها العمل فيها بطاعة الله.
وقوله " وادعوه خوفا وطمعا " أمر من الله تعالى لهم أن يدعوه خوفا وطمعا، وهما منصوبان على المصدر، وهما في موضع الحال. وتقديره ادعوا ربكم خائفين من عقابه طامعين في ثوابه. والخوف هو الانزعاج بما لا يؤمن، والامن سكون النفس إلى انتفاء المضار، والخوف يكون بالعصيان.
والامن بالايمان. والطمع توقع المحبوب، ونقيضه اليأس وهو القطع

(1) مر في 2 / 71 كاملا.
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست