التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤١٧
قوله تعالى:
الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننسيهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون (50) آية بلا خلاف.
يحتمل قوله " الذين اتخذوا دينهم " أن يكون في موضع جز بأن يكون صفة للكافرين، ويكون ذلك من قول أهل الجنة، وتقديره " إن الله حرمهما على الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا ". ويحتمل أن يكون رفعا بالابتداء ويكون إخبارا من الله تعالى على وجه الذم لهم.
و (اتخذوا) وزنه وزن (افتعلوا) والاتخاذ الافتعال، وهو أخذ الشئ باعداد الامر من الأمور، فهؤلاء أعدوا الدين للهو واللعب. ومعنى الدين - ههنا - ما أمرهم الله تعالى به ورغبهم فيه مما يستحق به الجزاء. واصل الدين الجزاء، ومنه قوله " ملك يوم الدين " واللهو طلب صرف الهم بما لا يحسن أن يطلب به، فهؤلاء طلبوا صرف الهم بالتهزئ بالدين وعيب المؤمنين، واللعب طلب المدح بما لا يحسن ان يطلب به مثل حال الصبي في اللعب واشتقاقه من اللعاب وهو المرور على غير استواء. وأصل اللهو الانصراف عن الشئ ومنه قوله (إذا استأثر الله بشئ لاه عنه) أي انصرف عنه.
وقوله " وغرتهم الحياة الدنيا " فمعنى الغرور تزيين الباطل للوقوع فيه، غره يغره غرورا. وإنما اغتروا هم بالدنيا في الحقيقة فصارت وكأنها غرتهم. والدنيا هي النشأة الأولى. والآخرة النشأة الأخرى، وسميت الدنيا دنيا لدنوها من الحال، وهما كرتان، فالكرة الأولى الدنيا، والكرة الثانية هي الآخرة.
وقوله " فاليوم ننساهم " قيل في معناه قولان:
أحدهما - نتركهم من رحمتنا بأن نجعلهم في النار - في قول ابن عباس
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست