التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٢
الثاني - " المص كتاب " على أنه اسم للسورة وكتاب خبره.
وقال الفراء: رفعه بحروف الهجاء، لأنها قبله، كأنك قلت الألف واللام والميم والصاد، من الحروف المقطعة كتاب أنزل إليك مجموعا، فنابت (المص) عن جميع حروف المعجم، كما تقول: أ، ب، ت، ث ثمانية وعشرون حرفا.
وكذلك تقول قرأت الحمد، فصار اسما لفاتحة الكتاب.
وقوله " فلا يكن في صدرك حرج " يحتمل دخول الفاء وجهين:
أحدهما - أن يكون عطفا وتقديره إذا كان أنزل إليك لتنذر به، فلا يكن في صدرك حرج منه، فيكون محمولا على معنى إذا.
والثاني - ان النهي وإن كان متناولا للحرج، فالمعني به المخاطب، نهي عن التعرض للحرج، وجاز ذلك لظهور المعنى ان الحرج لا ينهى، وكان مخرج له برده إلى نهي المخاطب أبلغ، لما فيه من أن الحرج لو كان مما ينهي له لنهيناه عنك، فأنته أنت عنه بترك التعرض له.
وقيل في معنى الحرج في الآية ثلاثة أقوال:
قال الحسن: معناه الضيق أي لا يضيق صدرك لتشعب الفكر بك خوفا ألا تقوم، بحقه، وإنما أنزل إليك لتنذر به.
الثاني - قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي: ان معناه الشك ههنا والمعنى لا تشك فيما يلزمك له فإنما أنزل إليك لتنذر به.
الثالث - قال الفراء: لا يضيق صدرك بأن يكذبوك، كما قال - عز وجل - " فلعلك باخع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ".
وقوله " لتنذر به " يعني لتخوف بالقرآن. وقال الفراء والزجاج وأكثر أهل العلم: هو على التقديم والتأخير، وتقديره أنزل إليك لتنذر به وذكرى للمؤمنين، والذكرى مصدر ذكر يذكر تذكيرا، فالذكرى اسم للتذكير وفيه مبالغة، ومثله الرجعى، وقيل في موضعه ثلاثة أقوال:
أولها - النصب على أنزل، للانذار وذكرى، كما تقول جئتك للاحسان وشوقا إليك.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست