التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٧
عادلا بذلك عن رب كل شئ وليس بمربوب؟! أم هذا قبيح في العقول؟ وهو لازم لكم على عبادة الأوثان. والرب إذا أطلق أفاد المالك لتصريف الشئ بأتم التصريف وإذا أضيف فقيل رب الدار، ورب الضيعة، فمعناه المالك لتصريفه بأتم تصريف العباد واصله التربية وهي تنشئة الشئ حالا بعد حال حتى يصير إلى الكمال. ثم صرف إلى معنى الملك لهذه الأحوال من الشئ وما جرى مجراها.
والفرق بين الرب والسيد، أن السيد هو المالك لتدبير السواد الأعظم، والرب المالك لتدبير الشئ حتى يصير إلى الكمال مع اجرائه على تلك الحال.
وقوله " ولا تكسب كل نفس الا عليها " معناه لا يكون جزاء عمل كل نفس الا عليها. ووجه اتصاله بما قبله أنه لا ينفعني في ابتغاء رب غيره ما أنتم عليه من ذلك، لأنه ليس بعذر لي في اكتساب غيري له، لأنه " لا تزر وازرة وزر أخرى " وقيل: ان الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وآله اتبعنا، وعلينا وزرك إن كان خطأ، فأنزل الله الآية. وفيها دلالة على فساد قول المجبرة من وجهين:
أحدهما - ان قوله " ولا تزر وازرة وزر أخرى " يدل على أنه لا يعذب الطفل بكفر أبيه.
والثاني - أنه لا يعذب أحدا بغير ذنب كان منه، لأنهما سواء في أن كل منهما مستحق. وتقول: وزر يزر وزرا، ووزر، يوزر، فهو موزور، وكله بمعنى الاثم. والوزر الملجأ. ومنه قوله " كلا لا وزر " (1) فحال الموزور كحال الملتجئ من غير ملجأ. ومنه الوزير لان الملك يلتجئ إليه في الأمور. وقيل: أصله الثقل، ومنه قوله " ووضعنا عنك وزرك " (2) وكلاهما محتمل " ثم إلى ربكم مرجعكم " يعني مالككم ومصيركم إلى الله في يوم لا يملك فيه الامر غيره تعالى.
وقوله " فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون " معناه انه يخبركم بالحق فيما اختلفتم فيه من الباطل، فيظهر المحسن من المسئ بما يزول معه الشك، والارتياب

(1) سورة 75 القيامة آية 11 (2) سورة 94 الانشراح آية 2.
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست