التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٨
ويقع معه الندامة في وقت قد فات فيه استدراك الخطيئة، فمعنى الآية الحجة على أن كل شئ سوى الله فالله ربه من كل وجه يصح منه الربوبية، وفيها دلالة على فساد قول المجبرة: ان الله يعذب على غير ذنب.
قوله تعالى:
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتيكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم (165) آية.
اخبر الله تعالى انه الذي جعل الخلق خلائف الأرض، ومعناه ان كل أهل عصر يخلفون أهل العصر الذي قبله كلما مضى واحد خلفه آخر على انتظام واتساق وذلك يدل على مدبر أجراه على هذه الصفة قال الشماخ:
تصيبهم وتخطيني المنايا * وأخلف في ربوع عن ربوع (3) وواحد الخلائف خليفة، مثل صحيفة وصحائف، وسفينة وسفائن، ووصيفة ووصائف، هذا قول الحسن والسدي. وقال قوم: معناه انه جعلهم خلفاء الجان قبل آدم. وقال آخرون معناه والمراد به أمة نبينا صلى الله عليه وآله لان الله جعلهم خلفاء سائر الأمم.
وقوله " ورفع بعضكم فوق بعض درجات " وجه الحكمة في ذلك مع أنه يخلقهم كذلك ابتداء من غير استحقاق بعمل يوجب التفاضل بينهم ما فيه من الألطاف الداعية إلى الواجبات والصارفة عن القبائح، لان من كان غنيا في ماله شريفا في نسبه قويا في جسمه ربما دعاه ذلك إلى طاعة من يملكها رغبة فيها.
والحال في أضدادها ربما كان دعته إلى طاعته رهبة منها ومن أمثالها ورجاء أن ينقل عنها إلى حال جليلة يغتبط عليها وقال السدي: رفع بعضهم فوق

(3) ديوانه 58 واللسان (ربع) وتفسير الطبري 12 / 288.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست