التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٩
بعض في الرزق وقوة الأجسام وحسن الصورة، وشرف الانسان. وغير ذلك بحسب ما علم من مصالحهم. وقوله " درجات " يحتمل نصبه ثلاثة أشياء:
أحدها - ان يقع موقع المصدر كأنه قال رفعة فوق رفعة.
الثاني - إلى درجات، فحذفت (إلى) كما في قولهم: دخلت البيت، وتقديره دخلت إلى البيت.
الثالث - أن يكون مفعولا من قولك: ارتفع درجة ورفعته درجة مثل اكتسى ثوبا وكسوته ثوبا.
وقوله " ليبلوكم فيما آتاكم " معناه فعل بكم ذلك ليجزيكم فيما أعطاكم.
والقديم تعالى لا يبتلي خلقه ليعلم ما لم يكن عالما به، لأنه تعالى عالم بالأشياء قبل كونها. وإنما قال ذلك، لأنه يعامل معاملة الذي يبلو، مظاهرة في العدل.
وانتفاء من الظلم.
وقوله " ان ربك سريع العقاب " إنما وصف نفسه بأنه سريع العقاب مع وصفه تعالى بالامهال ومع أن عقابه في الآخرة من حيث كان كل آت قريبا، فهو إذا سريع، كما قال " وما أمر الساعة الا كلمح البصر أو هو أقرب " (1) وقد يكون سريع العقاب بمن استحقه في دار الدنيا، فيكون تحذير الواقع في الخطيئة على هذه الجهة. وقيل معناه انه قادر على تعجيل العقاب، فاحذروا معاجلته. وإنما قابل بين العقاب والغفران ولم يقابل بالثواب، لان ذلك ادعى إلى الاقلاع عما يوجب العقاب، لأنه لو ذكر الثواب لجاز ان يتوهم انه لمن لم يكن فيه عصيان.

(1) سورة 16 النحل آية 77.
(٣٣٩)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست