التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٣
من قرأ بتشديد الياء فحجته قوله " وذلك دين القيمة " (1) كأنه قال دين الملة القيمة، ويكون وصفا للدين إذا كان نكرة، كما كان وصفا للملة، لان الملة هي الدين. قال أبو الحسن: قال أهل المدينة " دينا قيما " وهي حسنة، ولم اسمعها من العرب. قال أبو الحسن: وهو في معنى المستقيم.
فأما من قرأ بالتخفيف، فإنه أراد المصدر، مثل الشبع، ولم يصحح (عوض وحول). قال الزجاج: لأنه جاء على (فعل) معتل، وهو (قام) والأصل (قوم، أقوم قوما) قال أبو علي: وكان القياس يقتضى ان يصحح، لكنه شذ عن القياس، كما شذ (أشياء) ونحوه عن القياس نحو (ثيرة) في جمع (ثور) ونحو (جياد) في جم‍ (جواد) وكان القياس الواو، كما قالوا:
طويل وطوال قال الأعشى:
جيادك فالصيف في نعمة تصان * الجلال وتعطى الشعيرا (2) وقوله " دينا قيما " يحتمل نصبه ثلاثة أوجه:
أحدها - أنه قال " انني هداني ربي إلى صراط مستقيم " واستغنى بجري ذكر الفعل عن ذكره، فقال " دينا قيما " كما قال " اهدنا الصراط المستقيم ".
والثاني - نصبه على تقدير عرفني، لان هدايتهم إليه تعريف لهم فحمله على عرفني دينا قيما.
وقال الزجاج: معناه عرفني دينا قيما. ان شئت حملته على الاتباع كما قال " اتبعوا ما أنزل " (3) وقال الفراء: هو نصب على المصدر، كأنه قال هداني اهتداء، ووضع (دينا) موضعه.
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله ان يقول للخلق وخاصة لهؤلاء الكفار " انني هداني ربي " وقيل في معنى الهداية قولان:

(1) سورة 98 البينة آية 5 (2) ديوانه: 17 (3) سورة 2 البقرة آية 170.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست