التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٩
فإذا قيل له: أتفعله؟ بعد ما قد ظهر من أمره وصار في محل من عقد عليه باقراره.
فان قيل: ما الفرق بين انتهوا عن شرب الخمر، وبين لا تشربوا الخمر، قلنا: لأنه إذا قال: انتهوا دل ذلك على أنه مريد لامر ينافي شرب الخمر.
وصيغة النهي إنما تدل على كراهة الشرب، لأنه قد ينصرف عن الشرب إلى أخذ أشياء مباحة، وليس كذلك المأمور به، لأنه لا ينصرف عنه إلا في محذور.
والمنهي عنه قد ينصرف عنه إلى غير مفروض.
قوله تعالى:
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فان توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين (95) آية بلا خلاف.
لما أمر الله تعالى باجتناب الخمر والميسر والأنصاب والأزلام أمر في هذه الآية بطاعته في ذلك وغيره من أوامر الله تعالى. والطاعة هي امتثال الامر، والانتهاء عن المنهي عنه، ولذلك يصح أن تكون الطاعة طاعة لاثنين بأن يوافق أمرهما وإرادتهما.
وقوله " واحذروا " أمر منه تعالى بالحذر، وهو امتناع القادر من الشئ لما فيه من الضرر. والخوف هو توقع الضرر الذي لا يؤمن كونه.
والجزع مفاجأة الضرر الذي يزعج النفس مثله. الفزع والرعب مثل الجزع.
وقوله " فان توليتم فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين " معناه الوعيد والتهديد كأنه قال: فاعلموا أنكم قد حق لكم العقاب لتوليكم عما أدى رسولنا من البلاغ المبين، يعني الأداء الظاهر الواضح، فوضح كلام موضع كلام للايجاز ولو كان على صيغته من غير هذا التقدير لم يصح، لان عليهم أن يعلموا ذلك تولوا أو لم يتولوا. و " ما " في قوله: " أنما " كافة
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست